كتاب سبر

مسؤولية تفجير مسجد الإمام الصادق

متى نصبح كتلك الدول المتقدمة التي تقف على قدميها بعد السقوط مباشرة ولا تطيل اللطم والنحيب وأجواء العواطف التي تطغى على التفكير والعقل في مجتمعاتنا الخليجية ؟! متى نبدأ بمحاسبة المقصر الرئيسي في جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق ؟ 
في الغرب يستقيل وزير النقل عند تصادم قطارين، وتعتزل هيئات رياضية بعد هزائم كروية، وتتنحى قيادات أمنية عند حدوث اختراق أمني، وهذه هي المسؤولية الأدبية والسياسية التي لابد أن يعي معناها كل قيادي يكلف بتحمل مسؤولية ما. 
إن السلطة في الكويت هي بدون شك المسؤول الأول عن أحداث الجمعة الدامية، لأن أولئك المجرمين خططوا للجريمة دون علمها وصنعوا المتفجرات وأدخلوها البلاد دون علمها ونفذوا التفجير الانتحاري دون علمها، وهي اختراقات أمنية خطيرة تستدعي إسقاط قيادات أمنية كبيرة، ولو كان البرلمان حقيقياً لجلس وزير الداخلية على منصة الاستجواب بدلا من كيل الشكر والمديح له من قبل المتزلفين والمتسلقين !
إن السلطة تتحمل المسؤولية لأنها هي من ساهم في إزاحة جزئية لتيارات الإسلام الوسطي عن الساحة وهي التي كانت قادرة على احتواء الكثير من الشبان المتحمسين للقضايا الإسلامية الذين وقعوا في شباك التيارات المتطرفة التي كفرت حتى التيارات الإسلامية الأخرى بحجج مختلفة منها مشاركتها بالعملية الديمقراطية، واستطاع هؤلاء المتشددون تبرير عنفهم بانغلاق أبواب العمل السلمي أمام غيرهم من الإسلاميين. 
إن السلطة مسؤولة أيضاً لأنها هي من حاربت الأغلبية المعارضة وهي من تسببت في اقصاء أكبر التيارات السياسية وآلاف المواطنين المؤيدين لها وهو ما أسال لعاب الإرهابيين كما أسال قبلهم لعاب صدام في عام 90 ظناً منهم أن الكويت أصبحت في أضعف حالاتها بسبب تفرد السلطة وتحكم أقليتها بالحكم. 
لتكن لنا وقفة جادة من أجل محاسبة المقصرين بعيدا عن تلميع الشخوص والتطبيل للمسؤولين في مشهد يمثل ازدراء مقيتاً لدماء الضحايا .. ودموع أحبابهم.
عبدالله الأعمش