عربي وعالمي

تصفية إخوان بمصر.. عندما تشي الجثث بالقتلة

تمر الساعات ولا شيء يملكه سوى خبر خفيف المعلومات ثقيل الهم عن اعتقال والده، ولأنه مطارد هو الآخر فلا سبيل أمامه سوى الجلوس خلف شاشة حاسبه الآلي، لتتبع المواقع الإخبارية وصفحات مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي لعله يصل إلى معلومة مؤكدة عن أبيه، وبعد انتظار يحمل له فيسبوك نبأ تصفية الأب مع آخرين على يد قوات الأمن في مصر.
 
وظلت معلومة التصفية مشوشة في ذهن الابن أسامة عن مقتل والده الطبيب جمال خليفة، حتى خرج بيان وزارة الداخلية ليتضمن اسم الأب ضمن تسعة من قادة جماعة الإخوان المسلمين تمت تصفيتهم بإحدى الشقق في مدينة 6 أكتوبر الواقعة غربي القاهرة.
 
المثير أن البيان قال إن الأمن اقتحم “وكرا” لمن وصفهم بالإرهابيين “واضطر إلى إطلاق النيران بعدما بادروا بالعنف ما خلف مقتل الإرهابيين”. وتزامن ذلك مع نشر الوزارة لقطات لجثث أشخاص وبجانبهم أسلحة نارية.
لكن ما جاء ببيان الداخلية كذبه بيان لجماعة الإخوان المسلمين، قال إن الضحايا هم أعضاء لجنة دعم أهالي الشهداء والمعتقلين، وأكد أنهم كانوا عزلا، وتم اعتقالهم وأخذ بصماتهم قبل اغتيالهم، كما حذر البيان من أن تصاعد الاعتداءات من شأنه أن يدفع إلى مرحلة جديدة لا يمكن معها السيطرة على غضب المقهورين.
 
الجثث تنطق
وعقب صدور بيان الإخوان، نشر نشطاء وأعضاء بالإخوان، على مواقع التواصل الاجتماعي، أسماء 13 ضحية لعملية التصفية وليس تسعة فقط.
 
ونشر القيادي الإخواني أحمد رامي الحوفي، على حسابه بفيسبوك، صورة جثة طاهر إسماعيل (أحد ضحايا التصفية) المصابة بعدة طلقات في الظهر والرئتين، ما يثبت أن الطلقات الأمنية جاءته من الخلف، وهو ما ينسف رواية الشرطة حول تبادل إطلاق النار.
واستكمالا لما تنطق به جثث الضحايا، نشر الحوفي صورة لجثة هشام خفاجي وبها فتحة رصاص أسفل ذقنه، بينما تظهر على أصابعه الصبغة المستخدمة في إجراءات البصمة الرسمية (فيش وتشبيه) التي تجريها الشرطة لمن تقوم باعتقالهم.
 
“الحمد لله على ما نحن عليه، فعلى الأقل أنا أعرف باستشهاد والدي، لكن هناك مئات الأسر لا تعرف عن ذويهم شيئا” هكذا يلخص الطالب الجامعي أسامة خليفة كيف وصل تقييمه لحال البؤس في مصر.
ووالد أسامة الذي كان مسؤول مكتب إداري للإخوان بمحافظة المنوفية، ومطارد منذ عامين بسبب اتهامه في قضايا “إرهاب” خرج من المنوفية في الخامسة صباح يوم تصفيته متوجها للقاهرة بهدف ترتيب أموال كفالة أسر الشهداء والمعتقلين.
ويضيف “في الحادية صباح يوم القتل وصلنا خبر اعتقاله دون تفاصيل”.
ولأن ذلك جاء بعد يوم من وعيد الرئيس عبد الفتاح السيسي -خلال جنازة النائب العام هشام بركات الذي اغتيل بسيارة مفخخة- بإجراءات حازمة لمواجهة ما سماه الإرهاب، ومع تواتر أنباء عن تصفية قيادات إخوانية، بدأ أسامة يشعر بالقلق، وفق ما روى للجزيرة نت، وانكب على متابعة مواقع التواصل لعله يجد فيها خبرا يقينا.
يضيف أسامة “بعدما عرفنا بما حدث وذهبنا لاستلام الجثة لاحظنا أثار صبغة إجراءات الفيش والتشبيه على أصابع والدي، ولا نجد تفسيرا لذلك” مبديا تعجبه من عدم إصابة أي من أفراد الأمن إذا ما كان الأمر تبادل الرصاص، كما ادعوا.
يختم أسامة بأن الأب تم قتله ظلما وغدرا، وأنه وأخاه مطاردان من الأمن بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين، ويشير إلى أنهم مجرد نموذج لحالات عديدة بهذا الشأن.
أما مدير تنسيقية الحقوق والحريات عزت غنيم، فيحكي جانبا آخر من القصة قائلا للجزيرة نت إن  التنسيقية تلقت اتصالا هاتفيا قبيل ظهر يوم التصفية، من محامي أسامة الحسيني (أحد الضحايا) والذي أكد أن موكله اعتقل وتم نقله لقسم شرطة بمدينة 6 أكتوبر.
وأضاف المحامي للجزيرة نت أنه عندما ذهب أعضاء بالتنسيقية لقسم الشرطة، لم يعلمهم أحد بمكان احتجاز الحسيني “وبعد الكثير من البحث فوجئنا بخبر مقتله مع الآخرين بشقة سكنية” وفق قوله.
واختصر عزت الأمر في وصفه لما حدث بأنه “إعدام ميداني خارج إطار القانون” مؤكدا أنها رسالة من السلطة للمصريين مفادها “سنقتل أي شخص دون محاسبة”.