كتاب سبر

على رؤوس الأشهاد في المجرة.. إيران تسرق حقل الدرة!

يسود العلاقات الكويتية الإيرانية توتر ملحوظ كشف عنه استدعاء وزارة الخارجية الكويتية للقائم بالأعمال الإيراني وهو ما أظهر أيضا عدم وجود السفير في الكويت خلال فترة أمنية حرجة معروفة تفاصيلها أخيرا وممنوع النشر في شأنها بأمر النائب العام الكويتي.
وقد جاء استدعاء الوكيل الأستاذ خالد الجارالله للدبلوماسي الإيراني لأن طهران ترتكب عدوانا صريحا ومكشوفا على حق أصيل للكويت في مياهها القارية الإقليمية في واحد من أعظم حقول النفط والغاز في العالم.
والحقل يحتاج لاتفاق ثلاثي “سعودي كويتي إيراني” مشترك علما أن الجزء الأكبر منه يقع في داخل البحر الإقليمي للبلدين العربيين وجزء بسيط منه في إيران، علما أنه ليست هناك أي مشكلة (حدود بحرية) بين الكويت والسعودية لأن المشكلة مع إيران التي ظلت تماطل وتؤجل ترسيم الجرف القاري مع أنه عمل فني بحت.
وقد اتفقت الكويت والسعودية بشأن الحدود البحرية عام 2000 واحتياطي الحقل يبلغ نحو5.5  تريليونات قدم مكعب أي ما يوازي 156 مليار متر مكعب، فالكويت في حاجة ماسة إلى الغاز الطبيعي الذي تستورده حاليا من قطر وبالتالي فإن الحقل غير قدراته التصديرية العالية سيسد حاجة محلية، وما فعلته إيران كان مفاجأة وهو طرح كراسة لاستخراج النفط والغاز من الحقل استباقا لرفع العقوبات وضمن منطقة مفتوحة لم يتم ترسيمها بعد!..
ومن المؤكد أن الاحتجاج الكويتي سيوقف المزيد من الشركات جراء احتمال تعرضها لملاحقات قانونية ضمن قضية شائكة والكويت فعلت الصواب بتصعيد المشكلة، وإذا كان جرى (تبريد) مشكلة أمنية خطرة تقع المسؤولية فيها على إيران كدولة فإن هذا التجاوز الإيراني يضع على المحك علاقات البلدين، فالنظام الإيراني المتعجرف السلوك لا يمكنه مواصلة التمتع بعلاقات حسن جوار طالما لم يكف عن مثل هذه التصرفات غير المنطقية ولا الطبيعية.
وقد ذكرت صحيفة الراي الواسعة الاطلاع أن الموضوع هيمن على نقاشات الحكومة الكويتية وأن الكويت تتجه لتنسيق عال مع الشقيقة السعودية، وبحسب مصادر الصحيفة سيصار إلى “تنسيق كويتي – سعودي على أرفع المستويات تجنبا لفرض أمر واقع إيراني في الحقل” لأن إيران تبدو غير مكترثة، والخيار المطروح الآن على طاولة القرار الكويتي هو رفع (شكوى أممية) بهدف المحافظة على حق الكويت وثروتها المراد نهبها وهو ما ينطبق على السعودية.
وتفيد المصادر بأن وزير خارجية إيران محمد ظريف خلال زيارته الأخيرة للكويت حاول الحصول على اعتراف بحق إيران بالاستثمار في الحقل قبل الترسيم، لكن طلبه قوبل بالرفض التام والقاطع خصوصا وأن طهران ترفض الاعتراف بحق الكويت في امتداد حقل سروش وتزعم أنه حقل إيراني خالص!
وتمارس إيران لعبة غريبة في الموضوع عبر تقاسم الأدوار بين وزارتي الخارجية والنفط لفرض الأمر الواقع!.. فالأولى تدّعي عدم علمها بالأمر، بينما الثانية تطرح المشاريع للتطوير في الحقل فيما تزعم وزارة النفط عدم علمها بوجود خلاف حول الحقل وهو الأمر المستحيل في النظم الشمولية.
وواضح أن خطوة إيران سببها الرغبة بعرقلة أي اتفاق بين الكويت والسعودية لبدء تطوير حقل الدرّة المشترك مع أن إيران تستغل منذ عام 1965 حقل سروش الذي تطالب الكويت بحقها فيه، من دون أي اعتراض فلماذا تعترض على استغلال الكويت والسعودية للحقل!؟
والحقل اقرب جغرافيا للجزر الكويتية الكثيرة (فيلكا وبوبيان وقاروه وعوهة ووربة) وغيرها وأقرب إلى المياه الاقليمية السعودية منه لحدود إيران، أما الحق الأهم في المسالة فهو سند ملكية الكويت للحقل عبر عقد مبرم مع شركة رويال داتش شل في الستينات للتنقيب في الحقل واستخراج الغاز!..
وواضح التجبر التاريخي الكسروي للقيادة الإيرانية التي تزعم الإسلام، فهي تسمي الحقل المنهوب سوروش وتسمي حقل الدرة حقل آراش!
وبحسب بنود اتفاق مبرم بين الكويت وإيران حول الحدود البحرية في ظل الحماية البريطانية عام 1960 فإن إيران تملك جزءا (بسيطا للغاية) في الحقل، لكن إيران الملالي قامت منفردة برسم خط جديد للحدود البحرية لتقوم بموجبه بالسيطرة شبه الكاملة على الحقل!..
وقد رفضت كل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية وبمحاضر رسمية الخطوة الإيرانية كليا وبالمطلق، وتم ذلك مخاطبات لوزارتي الخارجية والنفط، فـ (الحل) الذي تقوم به إيران حاليا طبقته مع سلطنة عمان (حقل منجام)..ويصرح مسؤولوها النفطيون به فما لم يتم الترسيم فسنطور الحقل منفردين!
ومن الواضح أن إيران تعاني من نضوب حقولها النفطية خصوصا المشتركة مع العراق والتي قامت بنهبها بعد عام 2003 بسكوت القيادة العراقية التابعة، كما أن قطاع النفط والغاز الإيراني مدمر ويحتاج لاستثمارات هائلة لتطوير ما هو قائم ومستنزف، ما يضغط نحو فتح العمل بحقول جديدة وبتقنيات متقدمة، ولأن ذلك يتصل بحقوق الغير والتجاوز على حدودهم وأجرافهم القارية فإن ما يجري يؤكد أن المنطقة تواجه حالة حرب باردة غير مأمونة العواقب.
وفي كل حال حري القول بأن تحسين حالة إيران مع العالم الخارجي لا يمكن أن يكون مقابله هذا السلوك العدواني تجاه الجوار، وهو جوار تحتاجه إيران أكثر مما يحتاجها، فدول المنطقة لا تتقبل هيمنة دول عظمى فما بالك بهيمنة إيرانية ينفر الجميع منها دون أي التباس.
إن ما يجري هو المقدمات للمأزق الذي يعيشه النظام الإيراني، وفي وضعية المآزق والطرق المسدودة لا ينفع مع النظم (الشمولية) لا الحوار.. ولا حسن النية.