أقلامهم

وليد الرجيب: الحكومة أضعفت الجبهة الداخلية عندما خلقت مناخاً سياسياً لا ديموقراطيا.

التحديات التي تواجهنا
   
| وليد الرجيب |
عندما نحمل الحكومة المسؤولية الأكبر عما نواجهه من تحديات خطيرة ومقلقة، مثل الإرهاب والضغوطات الإقليمية، وتهديد السلم الأهلي، وتحديات استقلال البلاد وسيادتها الوطنية، عندما ننتقد الحكومة ونحملها المسؤولية الأكبر، فهو ليس انتقاداً عبثياً لمجرد الانتقاد، فهناك معطيات في هذا الواقع المتغيّر تدل على ذلك.
ففي الجانب الأمني على سبيل المثال، هناك ضعف في الإجراءات الأمنية، كما توجد بعض العناصر الأمنية الفاسدة، مهما كانت هذه العناصر قليلة، ففي أخبار الصحافة الكويتية العديد مما يثبت ما نقوله، مثل خبر سرقة أسلحة وذخائر من مخازن وزارة الداخلية، كما أن هناك خروقاً أمنية في المنافذ المختلفة، بمساعدة بعض رجال الأمن الفاسدين، مثل مغادرة وافدين بجوازات سفر كويتية، وتسهيل عملية دخول وخروج مطلوبين، وتهريب أسلحة ومتفجرات عبر الحدود، مثلما هُرب الحزام الناسف الذي تمت من خلاله جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق، بل وحتى الخطوط الجوية البريطانية أعلنت أنها ستوقف رحلاتها إلى الكويت، بسبب ضعف الإجراءات الأمنية في مطار الكويت (الراي – الجمعة 28 أغسطس الجاري).
كما أن الحكومة أضعفت الجبهة الداخلية، عندما خلقت مناخاً سياسياً لا ديموقراطيا، وشددت القمع وضيقت على الحريات، ولاحقت الناشطين السياسيين المعارضين وسجنتهم، وعبثت بمواد الدستور وصادرت الحقوق الديموقراطية الأساسية للمواطنين، وسنّت مزيداً من القوانين المقيدة للحريات، وخاصة حرية الرأي والتعبير، كما تحولت الحكومة من نهج المشاركة إلى نهج الانفراد بالقرار وتهميش الشعب.
كما هجمت الحكومة أيضاً على الحقوق الاجتماعية، فلم تكتفِ بالهجمة السياسية ولكن ترافقت معها هجمة في المجال الاقتصادي الاجتماعي، من خلال التوجه لتصفية القطاع العام، فيما يسمى بسياسة الخصخصة، وسياسة رفع الرسوم على الخدمات، والنية لرفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية، وفرض ضريبة القيمة المضافة، مما زاد من نسب البطالة والتضخم وتضرر محدودي الدخل.
إذاً نحمل الحكومة المسؤولية الأكبر في اضعاف الجبهة الداخلية، وهشاشة الاجراءات الأمنية، والتراخي أمام التشدد الديني ودعاة الطائفية، وبالمقابل تشديد القبضة الأمنية على المعارضة الإصلاحية السلمية، وهذا ما سهل جر الكويت إلى دوامة العنف والإرهاب، وأصبح الوضع المتوتر يهدد السلم الأهلي، كما سهل الضغوط الخارجية على الكويت.
ولا سبيل لمواجهة هذه التحديات إلا بتحقيق حالة انفراج سياسي، وانتهاج سياسة المشاركة الشعبية، وذلك بإجراءات لا تحتمل التأجيل والمكابرة، وهذا يتطلب العفو العام عن المحكومين والملاحقين في قضايا الرأي، وإلغاء سحب الجناسي وإطلاق الحريات العامة، وكذلك التراجع عن بيع القطاع العام، ودعم المكتسبات الشعبية الاقتصادية الاجتماعية، بما يحقق الاستقرار والرخاء.
وليد الرجيب