أقلامهم

ليت عبدالناصر يعود ليرى مافعله بنا الديكتاتوريون .. المعجل تطالب بشيء من الكرامة

سعاد المعجل 

شيء من الكرامة!

حين أحرق البوعزيزي نفسه لم يفعل ذلك بسبب مصادرة عربته التي يعول منها أسرته.. وانما أحرق نفسه لإحساسه بالاهانة إثر البصق في وجهه وضربه بشكل مهين للكرامة وعزة النفس!

الثورات العربية الراهنة.. وحركات الاحتجاج كلها لم تخرج لتطالب بتوفير وظائف ولا خرجت مطالبة بالخبز.. وانما هي تفجّرت دعما لروح الكرامة والسيادة للمواطن! هذه الكرامة التي تمت استباحتها وبأيدي انظمة الحكم العربية منذ حركات التحرر العربية في فجر الخمسينات والى يومنا الحاضر.

لقد خرج العالم العربي من وصاية الاستعمار الغربي وقيوده وشروطه المهينة، ليسقط في فخ الدكتاتوريات العربية ذات الانظمة الخالدة. وكما صادر المحتل والمستعمر الاجنبي حرياته وحقوقه، كذلك فعلت الانظمة السياسية التي تسللت تحت شعارات وطنية زائفة اعادت عالمنا العربي الى الوراء وأغرقته في وحل التخلف والجهل والاهانة!

إن التخلف ـــ كما قال جمال عبدالناصر يوما ـــ هو الشيء الوحيد الذي يضمن البقاء لاسرائيل على أرضنا الى الابد! والخطر يتلاشى حتى قبل المعركة الفاصلة اذا تمكنت الامة العربية من ان تخلص نفسها من التخلف الذي فرضه الاستعمار عليها، الذي تحاول الرجعية ان تفرضه الآن!

ليت عبدالناصر يعود اليوم ليرى ان الرجعية شملت كل الانظمة العربية، وبما فيها الانظمة الثورية التي صعدت فوق اجندات ووعود اصلاحية، تبخرت حين استقرت الاجساد فوق الكراسي وذاقت نعيمها!

ليت عبدالناصر يعود ليرى كيف رسخت الانظمة العربية عنصر التخلف في شعوبها، ليمكنها من الهيمنة والسيادة بالصورة التي عاشتها المجتمعات العربية لاكثر من اربعة عقود! ان التخلف الذي كان العدو اللدود للراحل عبدالناصر اصبح هو السلاح بيد الزعامات العربية لفرض هيمنتها ولتجريد الشعوب من ابسط اسس الكرامة الانسانية!

ان الجهل والتخلف هما المناخ الذي تنشط فيه الدكتاتوريات.. وهما الطريق الامثل لسلب الناس كرامتهم وسحقهم تحت اقدام الظروف المعيشية السيئة والبائسة!

الثورات العربية اليوم هي ثورات في وجه التخلف والجهل، الذي افقد الشعوب كرامتها وجعلها لقمة سهلة لاشباه الزعماء من صدام حسين الى القذافي.. وغيرهما!

الثورات اليوم تطالب بالكرامة المفقودة عبر عقود من الزمن العربي البائس، الذي هجّر مواطنيه فوق خارطة العالم، ليس بحثا عن رغيف خبز ووظيفة.. وانما – كذلك – امل في التمتع بشيء من الكرامة واحترام الذات والنفس