أقلامهم

حسن جوهر يتوقع أن يشهد المجلس اليوم أسوأ مما أدى إلى استقالة الحكومة .. ويطلب تدريس الوطنية

د. حسن عبدالله جوهر

لطائفية وحكومة … الفوضى قراط !

بعد الولادة المتعسرة والصعبة للحكومة الجديدة التي ظلت في أجواء من الارتباك، ووسط هجوم شرس ومتواصل منذ استقالة الوزارة السابقة، وحتى صدور المرسوم، وتأدية اليمين الدستورية الأولى أمام سمو الأمير، فإن المشهد القادم بعد اليمين الثانية في مجلس الأمة سيكون أشرس وأصعب؛ لأنه سيكون من خلال مواجهات عملية، ومن المؤكد أن تلقي بظلالها على مجمل الحالة السياسية في البلد.

وللإنصاف والحقيقة المرّة يجب ألا نبخس الناس أشياءهم، فالحكومة الجديدة تضم طاقات وكفاءات وطنية يشهد لعدد من شخصياتها، ولكنها لم تأت في التوقيت المناسب ولا في ظل ظروف مشجعة، ولا ضمن توليفة يمكن التفاؤل بها، وقد يكون مصيرها نفس مصير من سبق أن نسفت محرقة الحكومة تاريخهم، عندما تغيرت مبادئهم وتحولوا إلى مجرد موظفين كبار يتلقون الأوامر، وينفذون تعليمات غير مقتنعين بها، ثم يحاولون سد هذا الإحساس بالضعف والشعور بالنقص من خلال البطش بصغار موظفيهم.

وعلى الرغم من معاصرتي لتشكيل حكومات بالجملة منذ التحرير إلى الآن، وعلى الرغم من صعوبة الذوق الكويتي عموماً في تركيبة الوزارات المتعاقبة، فإنني لم أشهد حالة عارمة من التندر والتطنز والغضب على أي حكومة سابقة مثلما رأيت وسمعت وقرأت عن الحكومة الجديدة، ومن الشرائح والشخصيات المختلفة والصغار والكبار!

أما من الناحية العملية فمن المتوقع جداً أن تشهد الساحة السياسية بدءاً من صباح اليوم السيناريو نفسه الذي أفضى إلى استقالة الحكومة السادسة للشيخ ناصر المحمد، وستنفرط سبحة الاستجوابات مبكراً، وتخلط معها الأوراق والمواقف النيابية، إذ سيقدم أكثر من استجواب لسمو الرئيس؛ وإثر ذلك سنشهد استجوابات مقابل استجوابات مضادة لها في القوة والاتجاه!

وهناك احتمالان في مواجهة هذه الاستجوابات، فإما التملص منها ومحاولة تأجيلها من خلال اللجوء إلى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية، وإما إشغال النواب أنفسهم بها وتحويلهم إلى فخار يكسر بعضهم بعضا، خصوصاً أن هذا الاستعداد موجود عند الكثير من الأعضاء الذين دخلوا مبكراً في حرب كسر العظم الكلامية، وفي كلتا الحالتين فإن نتيجة هذا الوضع مآلها دوامة متجددة من الأزمات وضياع البوصلة السياسية، وتعطيل الجلسات، وتأخير مصالح الناس، وفوات فرص إقرار التشريعات المهمة، لا سيما ما يتعلق بالإصلاح السياسي والمالي والإداري، واستمرار الناس في مواجهة بعضهم بعضا عبر التحريض الطائفي واختلاق الفتن والنفخ فيها نحو الانفجار.

والمضحك أن الحكومة الجديدة التي يمكن تسميتها بـالفوضى قراطية، وفي أول اجتماع لها وضعت ملف الوحدة الوطنية كأولوية، وهذه عادة سنوية دأبت عليها كمجرد شعار لا يمت إلى الواقع والجدية وخطورة الأوضاع المكهربة بأي صلة، ولذلك ننصح الأخوين الفاضلين وزيري التربية والإعلام من بين جميع الوزراء، إذا أرادا بالفعل أن يسجلا شيئاً للتاريخ ويتركا أثراً طيباً في سجلهما، أن يبادرا فوراً إلى تدشين برامج لاستعادة روح الألفة والمحبة والتعايش الحضاري بين الكويتيين، وتخفيف الاحتقان المترسب والمعبأ بينهم.

وأتمنى من وزير التربية أن يشرع دون تردد في تعميم قرار يقوم بموجبه جميع المدرسين والمدرسات، وفي وقت واحد وعلى مستوى جميع المدارس من الصف الأول حتى الثاني عشر، بتخصيص دقائق مع طلبتهم للتعبير عن الروح والأخلاق الوطنية بين السنّة والشيعة والحضر والقبائل، وعلى وزير الإعلام أن ينزل إلى الشارع للتعبير عن هذه المشاعر كخطوة أولى تتبعها خطوات أخرى مدروسة، فقد يكون هذا العمل البسيط والدقائق القليلة أبرك بكثير من عمل الحكومة والمجلس لسنوات في مثل هذه الظروف الكريهة!