أقلامهم

مميزات الشماغ الأحمر وارتباطه بالقبائل ..مقال لخالد القحص

د.خالد القحص

لشماغ الأحمر.. ما يغرز!

التقييم الحقيقي للمذيعين يكون في مستوى الاحترافية والجدية لديهم

الاجتماع الذي عقده الوكيل المساعد لقطاع الأخبار والبرامج السياسية، الزميل يوسف مصطفى، مع مذيعي ومذيعات قطاع الأخبار يوم الأربعاء الماضي، والذي نقلت تفاصيله صحيفة «الوطن» وبعض الصحف الزميلة، حيث طلب من المذيعين الرجال عدم ارتداء الشماغ في النشرات أو أثناء تقديم البرامج السياسية، لأن «ارتداء الشماغ خلال فصل الصيف لا يمثل الهوية الكويتية، وانه من المقبول ارتداؤه في فصل الشتاء فقط».

الزميل يوسف مصطفى مذيع نشط ومتمكن، والتقيت به عدة مرات في برنامجه اليومي على القناة الأولى بالتلفزيون، كما التقيته في مكتبه قبل أسبوع، حيث حدثني عن طموحاته في تطوير قطاع الأخبار، ولذا أنا أحسن الظن به، وأتمنى له التوفيق في منصبه الجديد، وان كنت أرى ان الصواب قد جانبه في طلبه هذا حين تحدث عن الشماغ الأحمر والهوية الكويتية، خاصة في الظروف التي تعيشها الكويت والخليج، حيث ضاقت النفوس، وخبثت النوايا، وفسدت الأعمال.

وأنا أعلم جيداً ان الزميل يوسف لم يصدر قراراً رسمياً بهذا، وان ما قاله لا يعدو كونه ملاحظة أو تنويهاً، ولكن مجرد كونها صادرة من الوكيل المساعد لقطاع الأخبار، فان هذا يعطيها صفة رسمية، تتجاوز القطاع لكي تصبح سياسة الوزارة، وهذا ما يجعل المسألة خطيرة، وان كانت في ظاهرها بسيطة.

اللون الأحمر مرتبط كثيراً بالصحراء، فالوانيت الأحمر ما يغرز كما تؤكد الثقافة الشعبية، خاصة اذا كان فورت (كما كان ينطقه أجدادنا، وليس فورد)، والسدو يغلب عليه اللون الأحمر، ومن الناحية العملية، يبدو ان الشماغ الأحمر هو المناسب للبيئة الصحراوية في منطقتنا الخليجية، لأن الشماغ لا يتغير لونه بسرعة، ولا تظهر عليه البقع بسهولة (كما الغترة)، وبعد لبس الغترة وغسلها عدة مرات، يظهر لونها الحقيقي وهو الأصفر، وعندها تحتار في البحث عن دشداشة صفراء لكي تتناسب مع اللون الجديد لغترتك، بينما يقف الشماغ بفخر، مزهواً ينظر الى الغترة بجانبه في خزانة الملابس، ويستهزئ بها لأنها غيرت جلدها من اللون الأبيض الى الأصفر. كما يمكنك ان تستخدم الشماغ لمدة أسبوع كامل (أو يزيد) دون ان تتغير هيئته التي جاء بها من المصبغة، بعكس الغترة التي لا يمتد عمرها سوى لبسة واحدة، واذا حصل ان توضأت، ولم تجد محارم ورق لتجفف بها نفسك، فالشماغ موجود، ولن يتأثر كثيراً، بل حتى في العواصف الترابية التي نشهدها بكثرة هذه الأيام (ربما بعدد مرات تشكيل الحكومة الكويتية)، فان الشماغ أفضل من أي كمام تعرفه، وحتى من ناحية الموضة، فان دشداشة بيضاء، عليها شماغ أحمر أجمل بكثير من دشداشة بيضاء تعلوها غترة بيضاء. ما أقصده هنا ان الشماغ من الناحية العملية والبراغماتية والمنطقية والبيئية والموضة، أفضل كثيراً من الغترة.

لكن لندع الطرافة جانباً، ولنفكر في الموضوع من زاوية أخرى، اذ ان المشكلة، بزعمي، ليست في لبس الشماغ الأحمر أو الغترة البيضاء، أو حتى الجمع بين الأختين ولبس الشماغ الأبيض، المشكلة في العقل الذي يقبع تحت هذا الشماغ أو تلكم الغترة، وهذا لا يمكن تغييره بسهولة.

أتمنى على الزميل يوسف مصطفى ان ينتبه الى مراقبة المذيعين والمذيعات في مؤهلاتهم الاعلامية واللغوية، وفي مستوى ثقافتهم العامة، وفي طريقة تقديمهم للبرامج وتعاملهم مع الضيوف، وفي مستوى الاحترافية والجدية لديهم، وفي تقييمهم بشكل دوري ومنتظم، وفي أخذ عينة عشوائية من البرامج التي يقدمونها، وارسالها الى لجنة متخصصة لتقييمهم من ناحية الشكل والأداء، والتعامل مع الكاميرا، وفي الأخطاء التي ارتكبوها، وعندها سوف نقف بصف قطاع الأخبار ونسانده، أما ان يتم القفز على كل هذه الأمور، لكي نتحدث عن أمور شكلية لا تقدم ولا تؤخر، فهذا تعطيل للجهود، واستفزاز لا داعي له. واذا كنا نتحدث عن الهوية الكويتية للمذيع، فهل لبس البدلة يعتبر من الهوية الكويتية؟ وهل لبس بعض المذيعات يعتبر من الهوية الكويتية؟ وبالمناسبة، شاهدت يوم الأحد الماضي، مذيعة على القناة الأولى في تلفزيون الكويت تقدم نشرة اخبارية، وهي ترتدي حجاباً لونه أحمر قانياً، وهنا سكت عن الكلام المباح!