أقلامهم

عبداللطيف الدعيج: “نهج جديد” هي النموذج المطلوب لكنها لم تخرج إلا بعد أن بح صوتي وجف قلمي

عبداللطيف الدعيج 

استبدَلوا الشيخ بالنائب

منظرونا وما يسمى بمفكرينا، عندما يتحدثون عن تغيير السلطة او تقويمها يزعمون دائما ان الناس هم الأصل في التغيير وان اللجوء الى «الجماهير» هو المطلب والحل. لكن عندما يتطلب الامر اصلاحات اقتصادية او اجتماعية فان هذه الجماهير والطاقات الثورية تتلاشى، ويصبح امر الاصلاح او الانفلات من الازمات ليس مهمة «السلطة» بل مشكلتها وحدها!

هذا ما يحدث عندنا، فكل شيء وكل الازمة والضياع والتسيب مختزل في شخص رئيس مجلس الوزراء. غيروا الشيخ ناصر ويتم حل الاشكال عند الجميع. لتناسي دعوات «نهج جديد» فهذه لم تطرح الا قبل شهور فقط وبعد ان نشف ريقي شخصيا او بالاحرى جف قلمي، وانا اؤكد منذ سنوات ان الازمة ليست في السلطة وليست بالتأكيد في الحكومة ولكنها في الناس.

بلا شك، لدينا اخطاء سياسية، وبلا شك ايضا لدى البعض، خصوصا في السلطة، طموحات سياسية تتعارض مع الواقع وتعقده او تعيقه. لكن المؤكد ان كل هذا يتضاءل امام المعضلة الاساسية الكامنة في الامة التي تصر على التخلي عن مسؤولياتها السياسية والاجتماعية، والتي بالاساس لا تزال تعيش بعقلية «الرعية» التي يتكفل الراعي بشؤونها ويتولى «تنسيق» سلوكها ومعاشها ايضا.

ربما يعتقد بعض ضيقي النظر ان الناس، خصوصا هنا وفي السنوات الاخيرة قد انفلتت من تأثير ـــ وصاية «الراعي» او من عقلية «الشيوخ ابخص» وانها وصلت احيانا الى حد التمرد والمواجهة مع السلطة كما حدث في الأشهر الاخيرة. لكن هذا ما يطفو على السطح، اما في الاعماق، فلا تزال «الجماهير» اسيرة العقلية الرعوية ـــ ان جازت التسمية ـــ وكل ما في الامر انها استبدلت شيخ السلطة او شيخ القبيلة بنائب الجماعة او ممثل القبيلة في البرلمان.

لدينا معضلات حقيقية، مصدرها الاساسي الناس، الذين يرفض اغلبهم الانتقال الى المجتمع العصري والدخول في القرن الواحد والعشرين. يريدون ان يعيشوا بعقلية وتراث وتقاليد ما قبل القرون الوسطى، ولكنهم يصرون على الاستمتاع بوسائط ومنتجات الالفية الثالثة الاقتصادية والسياسية… وهنا الاستحالة، وهنا المعضلة الحقيقية.