أقلامهم

كارثة الأنساب على فئة البدون والظلم الحكومي .. مزيد اليوسف

مزيد اليوسف 

جريمة بحق انساب البدون

جريمة جديدة بحق »البدون« كشفت عنها لجنة دعاوى النسب وتصحيح الاسماء، عندما اعلنت عن نيتها انتهاك حرمة انساب »البدون« وتحويلهم الى فئران تجارب، بارسال الزوج والزوجة والابناء لاجراء فحص الـ DNA باخذ عينة دم منهم لاستخلاص الحامض النووي، وذلك قبل ان تتفضل عليهم باثبات نسب الطفل لذويه، والابشع ان من سيدفع كلفة هذه الجريمة هو المجني عليه والد الطفل (85 د.ك تكلفة فحص الـ DNA). 

مخالفة خطيرة وجسيمة ترتكبها لجنة دعاوى النسب وتصحيح الاسماء، لاحكام القانون الشرعية، من خلال تعديها على اسباب ثبوت النسب المُعتد بها شرعاً وقانوناً، والمحددة بثلاث هي الفراش، والاقرار، والبينة، واستبدالها ببدعة قانونية هي فحص الـDNA ، ففي الحديث الصحيح ان »الولد للفراش« ومعنى الفراش هو عقد الزواج، اي ان نسب الطفل يثبت لابيه اذا ولد بعد ستة اشهر قمرية او خلال 365 يوماً من تاريخ عقد الزواج الصحيح، اما اثبات النسب بالبصمة الوراثية فلا سند له من شرع او قانون، وفيه انتهاك عظيم لحرمة اعراض »البدون« وانسابهم بغير مسوغ مقبول. 

واذا كانت نسبة النجاح التي تقدمها بصمة الجينات لا تبلغ حد اليقين 100? وان كانت قريبة جداً منها حيث ان النسبة تصل الى 96?، فالسؤال المطروح هنا، ماذا لو جاءت نتيجة الفحص سلبية لطفل ولد من زواج صحيح، هل سنهدر في هذه الحالة الدليل الشرعي والقانوني فننفي نسب الطفل عن ابيه، ونحول الام الى زانية، في حين ان الطفل قد ولد بعقد زواج صحيح وخلال مدة الحمل المعتبرة شرعاً وقانونا؟ 

لا اجد عذراً للجنة دعاوى النسب وتصحيح الاسماء فيما ترتكبه من مخالفة خطيرة بهذا الجانب، بحجة انها تريد سد الباب في وجه من يحاول من »البدون« نسب اطفال لهم على خلاف الحقيقة، ذلك ان الاصل في الناس الصلاح وسلامة النية والانساب، ولا يجوز تعميم اجراء البصمة الوراثية على جميع حالات طالبي اثبات النسب من »البدون« بسبب شبهة، وافتراض من اللجنة بغش لم تقم عليه دلائل جدية، فهذه الشبهة لا تُحِل للجنة استباحة احكام الشرع والقانون في مسائل عظيمة مثل مسائل النسب، والخروج بها عن جادة القنوات الشرعية والقانونية المحددة لاثبات النسب، من عقد زواج صحيح، او اقرار الاب ببنوة الولد وبنسب الطفل له، واخيراً البينة الشرعية (شهادة رجلين او رجل وامراتان يشهدان على زواج الاب من الام وان المولود ولد من هذا الزواج) الى طريق غير شرعي ولا قانوني لاثبات نسب لم تثر فيه شبهة جدية، مثل عدم ثبوت عقد الزواج، او وجود نزاع في قدرة الرجل على الاتصال الجنسي، او ان يكون الرجل عقيماً غير مخصب بحيث لا يمكن ان يأتي الطفل منه، وغيرها من الحالات المشابهة. 

ولخطورة موضوع الانساب فقد نظم المشرع القانوني مستهدياً باحكام الشريعة الاسلامية مسألة نفي نسب الطفل لابيه تنظيماً يتسم بالتضييق الشديد، حفاظاً على استقرار الانساب، فقيد حق الزوج بنفي النسب بسبعة ايام فقط من وقت الولادة او العلم بها، فلا يحق له من بعد مضيها نفي نسب الطفل اليه، بينما ما تقوم به لجنة دعاوى النسب وتصحيح الاسماء من محاولة نفي النسب بالبصمة الوراثية »للبدون« يعد توسعة مرفوضة ومخالفة سافرة لاحكام القانون في مسائل اثبات النسب ونفيه. 

على الدولة ان تتذكر بانها هي من جارت ومنعت »البدون« من توثيق عقود زواجهم، وانها هي ايضاً من ظلمتهم وحرمتهم من توثيق مواليدهم، ورجاؤنا ان تعتبر الدولة من ظلمها الاول، فلا تكرره في اعراض ابناء هذه الفئة المستضعفة وفي حقهم المشروع بنسب اطفالهم اليهم من دون المرور بعذاب وثبور البصمة الوراثية، التي ما انزل بها الحق من سلطان.