كتاب سبر

الأمن الإسرائيلي في ظل أحداث الشرق الأوسط

بقلم أ. حسن الفضلي

نظرية المؤامرة تارة تكون مرفوضة وخيالية وأحياناً أخرى تكون ضرورة بناء على المُعطيات التي يستقيها صاحب الرأي. إن نظرتنا وتحليلنا للأحداث ومن ثم إستنتاج أن هنالك مؤامرة ليست بالضرورة أن تكون مُلزمة للآخرين ,  وأيضاً ماهي نظرية مؤامرة لدينا فهي عند المقابل تعتبر محافظة على الأمن القومي والمصالح التكتيكية والإستراتيجية.  

لاشك أن الحدث الأكبر على الساحة السياسية هو إغتيال الشيخ أسامة بن لادن واللغط الدائر بين من يصدق أو يريد التصديق بمقتله وبين من يُشكك بكل شيء, بالإضافة الى ماهو المردود من هذا الخلاص بالنسبة لأمريكا والغرب وأيضاً التوقيت وغيرها من أسئلة تبقى في إطار التحليل وليس الحقيقة.

من المعروف والمُسلم به أن الوريث الشرعي لتراث بن لادن الحركي والأيدلوجي هو المصري أيمن الظواهري. إن أيمن الظواهري هو من أشد المتشددين في تنظيم القاعدة على عكس الشيخ بن لادن الذي يميل إلى العقلانية والهدوء. إن الحركات الإسلامية مهما إختلف تكتيكها إلا أنها بالأخير تنظر إلى الغرب نظرة عداء ولقد ساهمت الحكومات الغربية وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بإستعداء التيارات الإسلامية والمسلمين بوجه عام لذلك لن تختلف القاعدة عن الأخوان المسلمون في نظرة الغرب لهم وفي نظرتهم هم للغرب على الرغم من المغازلات الدائمة لتيار الإخوان المسليمن للغرب ولكن حسب الإقليم الذي يتواجد به هذا التنظيم وليس كسياسة عامة. 

إن الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن مصالحها قد تتأثر بوجود تيار إسلامي قد يستلم زمام السلطة في جمهورية مصر العربية وهذا قد يكون نوعاً ما واقعياً لتغلغل هذا التيار في الجسم المصري , وكما هو معروف فإن طوال هذه السنين الثلاث والثلاثون كانت مصر تسير في ركب السياسة الأمريكية بعد إتفاقية كامب ديفيد في زمن الرئيسين كارتر والسادات وسار على نهجها الرئيس السابق حسني مبارك. لقد ضمنت هذه الإتفاقية وبشكل قاطع جبهة هادئة للإسرائيليين بل أخذوا من الحكومة المصرية السابقة أكثر مما كان ينبغي وخير مثال على ذلك الحصار على غزة والتي زايدت  الحكومة المصرية على إسرائيل بالتنكيل بالفلسطينيين من خلال إغلاق المعابر ورفض إدخال المساعدات الى أهالي غزة.

إن الحليف الإستراتيجي التاريخي الدائم للولايات المتحدة والغرب هي إسرائيل ولكي تضمن الدول الغربية وأمريكا أمن وسلامة هذا الكيان فعليها أن تؤمن حدوده وأهم هذه الحدود هي الحدود المصرية الواسعة التي تمتد لمسافة 218 كيلو متر خصوصاً بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك وإنتقال السلطة إلى تيار إسلامي ( الإخوان المسلمين)  ومع الأخذ بعين الإعتبار أن السلطة في حماس هي أيضاً من تيار الأخوان وليس من مصلحة إسرائيل أن تكون الحدود المصرية أمتداد إستراتيجي لحركة حماس. 

إن التقارب بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية يأتي بهذا الإطار فأجزم أن السلطة الفلسطينية في رام الله والتي لم تحرك ساكناً حينما ضربت غزة ولم يؤلمها ألم شعبها في تلك الفترة لا تريد أن تنجذب حركة حماس الى بُعدها الإقليمي والأيدلوجي في مصر بل قامت بحركة إلتفاف على حركة حماس وجذبها إلى الساحة الفلسطينية الداخلية التي لاتخلو من الإختراق الإسرائيلي وإلزامها بإتفاقيات جديدة مع إسرائيل تكون قيداً جديداً عليها , وهذا التحرك كان بمثابة خطة تكتيكية مرحلية.

من خلال ربط الكثير من الأحداث بين الوضع الإقليمي الذي يحدث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبين المصالح الغربية والأمريكية وفي مقدمتها مصلح إسرائيل وبين مقتل بن لادن وصعود نجم التيار الإسلامي من جديد في مصر وليبيا وغيرها يجعلنا نشكك بتوقيت إغتيال الشيخ بن لادن.

وبالعودة إلى أيمن الظواهري الشخصية القوية التي تحتفظ بالحظ الأوفر بخلافة الشيخ بن لادن هو مصري الجنسية ولو إمتداد وأنصار في مصر وحينما نتفق على أن التيار الإسلامي الأكبر في مصر هو تيار الإخوان المسلمين وأيضاً إن التيارات الإسلامية تتفق على عداء الغرب والولايات المتحدة فإنه من الطبيعي أن تُحضّرأمريكا حالة إستعداء مصر مستقبلاً من خلال أن زعيم تنظيم القاعدة هو مصري الجنسية وله أتباع في جمهورية مصر وهنالك حتمية صراع بين إسرائيل والعرب ومنها الدولة الأكبر ( مصر). لذلك كان وجوباً في هذه الفترة أن يسطع نجم جديد سيساعد الولايات المتحدة لتنفيذ أجندتها في الشرق الأوسط بصورة لاتبدو فيها أنها المُحرك للأحداث بل هي راعية للقضاء على الإرهاب الجديد وسوف تبتكر القوى الكبرى أحداثاً جديدة لإستمرار مسلسل الإرهاب الذي جيرته الولايات المتحدة لصالحها من خلال خلق عدو شرس قديم جديد وهو أيمن الظواهري .