أقلامهم

الدعيج: لسنا دولة قمعية حتى يختبئ الساسة ويتولى العسكر مثل وكيل وزارة الداخلية بناء السياسة العامة

عبداللطيف الدعيج 

 كارثة

إن صحَّ ما نسب إلى وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر من تهديد ووعيد للمواطنين، وتذكيرهم بأن صدر قوى الأمن قد يضيق من ممارستهم لحريتهم في التجمع، إن صح ذلك فهو كارثة ربما ما بعدها من كارثة. ويتطلب هذا وقفة جادة من القوى الديموقراطية ومن المؤسسات المدنية تطالب وزارة الداخلية وقبلها الحكومة باستنكار أو نفي تصريحات الفريق غازي العمر. فالأجهزة الأمنية في دولة القانون والمؤسسات تخدم الأمة صاحبة السيادة المطلقة ولا توجهها أو تنهرها.

لسنا دولة بوليسية ولن نكون، لن نكون، لا بيد السيد غازي العمر ولا برجله معها، لسنا دولة قمعية حتى يختبئ الساسة ويتولى العسكر مثل وكيل وزارة الداخلية بناء السياسة العامة وتسيير شؤون الناس. لا نريد على الإطلاق أن نرى زياً عسكرياً يملي علينا توجيهاته السياسية أو يحدد لنا أساليب سلوكنا العام أو الخاص. هذا يحدث فقط في الدول القمعية، التي يغيب فيها القانون والدستور ولا يحضر غير العسكر.

لكن إن شئنا الإنصاف فإن وكيل وزارة الداخلية لا يلام، فهو لم يتطاول على سلطات الأمة بقصد أو بعفوية لو لم يجد في مسؤوليه والحكومة مثالا يهتدى ونهجاً يقتدى. لم يتدخل الفريق غازي العمر في السياسة لو أن حكومته ومسؤوليه لم يتدخلوا في القانون والدستور. وهو بالتأكيد ما كان ليعارض الدستور والتقليد العام لو لم يعتقد في قرارة نفسه أنه يرضي الكبار ويكسب رضا المسؤولين. 

كنا ولا نزال، نرى في جميع التجمعات والحشود عبثاً ومضيعة للوقت، لكنه عبث ومضيعة وقت من دعا ومن شارك في هذه التجمعات. وما دام المتجمعون لم يعتدوا أو حتى يقلقوا أحداً فإن من حقهم الدستوري المطلق وغير القابل للنقاش أن يجتمعوا وأن يعبروا عن رأيهم في الشؤون العامة، وسواء كان تجمعهم مضيعة للوقت أو خطوة في مسيرة التنمية يبقى تجمعاً مشروعاً ليس من حق أحد منعه أو حتى التشكيك في مقاصده ونواياه.

اعتقد أن المطلوب الآن من الحكومة، ومن وزير الداخلية، أن توعز لرجال الداخلية وقيادييها بالتزام الصمت والاكتفاء بتنفيذ الأوامر وليس وضع السياسات واللوائح العامة كما حاول السيد وكيل الوزارة.