أقلامهم

الشبه بين قياديي الدولة لدينا وبين الصوفية في مقال لناصر العيدان

ناصر العيدان

 قياديون في الدولة … أتاهم اليقين!

يروى في العصور الوسطى للإسلام، ظهور فئة من الصوفية الغلاة، الذين حوروا تفسير آية «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين» بحيث ان المسلم عندما يصل إلى مرحلة اليقين، لا تستوجب عليه بعدها أي عبادة، ويصبح حراً في كل شي، لا يحاسب وفوق ذلك فهو مغفور له لأنه من «الموقنين»! والحمد لله فإن هذا الفكر انقرض واختفى لأنه اصلاً… فكر مجنون.

لدينا في الكويت، توجد قيادات حكومية لا تعرف التنحي حيث ان اليقين قد أتاهم «مبطي»، بل ومذ ولد معظمنا وهم ثابتون على مناصبهم، أو أنهم يدورون أحياناً، لكنهم أمامك في كل مانشيت أو تصريح أو تقرير حكومي. ورغم أن على بعضهم تثار ملاحظات وشبهات في العمل، إلا أنهم مازالوا في أماكنهم، وبعضهم قد يكون تجاوز السن القانونية، وتعدى المرات المسموحه له بالتجديد… ومازالوا في أماكنهم! 

بلاشك إن لمعظمهم انجازات رائعة، وجهودا مباركة وأداء متميزا، لكن إلى متى؟ إن العامل الغالب في شغل هذه المناصب قد يكون الاسم وليس الانجاز! ان تثبيت الأقربين في مناصب من دون مبرر فني أو عملي، وعلى طريقة التعيين لا السلم الوظيفي، هو تقليل من شأن موظفي الدولة الذين بذلوا واجتهدوا ودفعوا زهرة أعمارهم في خدمة الوظيفة الحكومية.

الوجه الآخر من هذه الظاهره، هو أن نشرّع لهذا التعيين الانتقائي وأن نحور القانون ليتماشى ورغباتنا في تثبيت أحدهم وتعيينه من دون ثغرة قانونية، حتى لا يشتكي من يستحق المنصب في العدالة! إن اعطاء كامل الصلاحية لصاحب القرار دون تقييد قانوني في شغل المناصب القيادية في الدولة، أنتج لنا قيادات دائمة ومخلدة في مناصبها، وأكسبنا يأسا مطبقا على طموح الموظفين المجتهدين، ولعل الحكم الصادر بخصوص عدم اختصاصية مدير عام هيئة البيئة، مثال حسن على حاكمية القانون بحصر المنصب على من له تخصص وخبرة في المجال نفسه.

وبما أن مدير الهيئة يعتبر منصباً قيادياً في الدولة، هل هناك وصف اختصاصي للوزراء، بحيث يمكن للمواطن أن يتظلم بعدم تخصص الوزير الفلاني، وهل من الممكن للقضاء أن يريح البلد من تخبطات بعض الوزراء والقياديين ويجنب البلد هذه التخبطات الإدارية للقيادات غير المتخصصة؟ وإلا سنظل على «دروشتنا» وعلى «طمطمتنا»… اللهم يا حيّ اجعلهم راضين عنا… يارب!