أقلامهم

نطلب من الأجهزة الأمنية ألا تكرر مافعلته الأنظمة العربية مع جماهيرها حيث لم يردعها الرصاص ولا الدبابات .. وليد الرجيب

وليد الرجيب

الحكمة الكويتية

لقد تابعت مثل غيري بقلق، أحداث يوم الجمعة الماضي، بعد التهديدات شديدة اللهجة من وزارة الداخلية، للشباب الذي كان ينوي التجمع احتجاجاً على التعطيل المتعمد لجلسات مجلس الأمة، واختار ساحة الصفاة مكاناً لهذا التجمع.

ولا أعلم ما سبب حساسية وزارة الداخلية من التواجد في ساحة الصفاة، رغم أنها أرض كويتية، مثلها مثل ساحة الإرادة وغيرها، كما استغربت من التحشيد المبالغ به للقوة العسكرية، واستعراض القوة المتعمد، لإخافة أبنائنا الشباب وبناتنا الشابات، رغم أن تجمعهم سلمي ودستوري.

ونحن نثق بالشباب ونثق بحرصهم على التظاهر السلمي والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، ونثق بأنهم سيوجهون تجمعهم وشعاراتهم، إلى الوجهة الوطنية، وسينبذون الشعارات الطائفية والقبلية والفئوية، وهذا ما حدث وكان متوقعاً، كما أن الشباب تصرف بوطنية وأخلاق عالية، عندما قام بعضهم بتنظيم السير اثر بدء ازدحام السيارات، وكانوا يقظين من أي محاولات مفتعلة ترمي إلى الاحتكاك بقوات الأمن، وخاصة بعد تسرب خبر، إن أحد قادة احد الأجهزة الأمنية، جهز بعض عناصره لاستفزاز رجال الأمن، حتى يتم قمع المتجمعين، لكن يقظة الشباب من ناحية، وحكمة وزير الداخلية الذي كان حاضراً في مكان التجمع، حالا دون حدوث مثل هذا الاحتكاك، والتزم الجميع بضبط النفس.

لكن حدثت بعض الأمور من جانب رجال الأمن، لا تدل على احترام الحريات، مثل إيقاف مصور قناة مباشر، ومصادرة الأفلام التي بحوزته، وهو أمر يتناقض مع موقف وزير الداخلية الراقي، والملتزم بالأمن والإصلاح وممارسة الحريات بمسؤولية، فالسماح بالحرية ليست «لناس وناس»، فهي لا تتجزأ وليست انتقائية.

ومن ناحية أخرى، لا نجد مبرراً لحساسية وزارة الداخلية من ساحة الصفاة، وهي الساحة الرئيسية في وسط البلد، كما أنها لا تنحصر في الميدان الذي يحوي النصب التذكاري، ولكنها كما أتذكرها أو على الأقل أتذكر ما تبقى منها، منطقة واسعة من وسط الكويت قديماً، فهل سيمنع التجمع بين المباني والمواقف، التي كانت جزءا من الصفاة الحقيقية؟

ورغم أن هناك من خون المتجمعين ووصفهم باتباع أجندات خارجية، إلا إننا نطلب من وزارة الداخلية ورجالها الكرام، ألا يكرروا إجراءات الأجهزة العربية، حتى لا يرتد الاحتجاج على مصالح الوطن وأمان المواطنين، فالشعوب العربية المحتجة والداعية للإصلاح، لم يردعها الرصاص ولم تخفها الدبابات، وإن أفضل طريقة للتعامل مع مثل هذه الاحتجاجات، هو حمايتها من المندسين والمخربين والبلطجية، والنظر في مطالب الإصلاح العادلة والسلمية، والمبادرة فوراً في هذه الإصلاحات في ظل دستور البلاد والقوانين، وهو الطريق الأسلم.