سبر

اصعدا.. لا تثيرا حنق الشعب

مخطئ من يظن أن الهروب من الاستجوابات هو الحل لأزمات الحكومة مع المجلس، ومخطئ كذلك من يعتقد أن تأجيل الاستجوابات لمدة عام سيوقف سيلها الجارف، وها هي الأيام تثبت أن الهروب لا ينفع، وأن التأجيل لا يجدي، وبدلاً من الاستجواب المؤجل أصبح في رصيد الحكومة، ورئيسها بالتحديد، حتى الآن، ثلاثة استجوابات من العيار الثقيل، والرابع في طور التحضير، وإن سلمت جرة الأمس فلن تسلم جرة الغد، وستتقاطع المصالح وتتصادم وستضطرون مرة أخرى إما إلى صعود المنصة التي تخشونها وإما إلى الاستقالة التي جربتم عدم جدواها مرات عدة. 


الأعداد الكبيرة التي خرجت مساء “جمعة الغضب”، وإن حاول سمو رئيس الحكومة وفريقه التقليل من شأنها، لم تخرج لأنها تعشق الخروج إلى الساحات المظلمة، وتتوق إلى التصادم مع قوات الداخلية، وتهوى ممارسة رياضة المشي في الطرقات المزدحمة، بل خرجت لأنها رأت انتقاصاً واضحاً من حق الأمة في مجلس الأمة. خرجت لأنها رأت مجلسها الذي انتخبته يسرق من بين يديها تحت تأثير الحسابات الضيقة للبعض والحسابات المالية للبعض الآخر.


ونحن هنا نوجه الخطاب بالتحديد إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ونائبه وزير الدولة لشؤون التنمية وزير الإسكان الشيخ أحمد الفهد. عدم الصعود إلى المنصة يجب ألا يكون خياراً متاحاً مهما كانت الأسباب والدوافع والمبررات. وحرمان الأمة من ممارسة دورها الرقابي، تحت مبررات عدم الدستورية و”الظروف الدقيقة” لا يعني إلا تأكيد عدم قدرتكما على ممارسة دوركما التنفيذي بالشكل الذي يخدم مصالح هذا الشعب. 


إذا كانت المحاور مخالفة لمواد دستورية، أو كانت الظروف المحيطة بنا دقيقة وحرجة، فيجب أن يكون توضيح ذلك في جلسة استجواب علنية يشاهدها الشعب، ومن على المنصة، عندذاك سيكون ممثلو هم الحكم والفيصل. الشعب واعٍ يدرك ما له وما عليه، لا قاصر يحتاج إلى ولي أمر يحدده له ما يصلح وما لا يصلح، اتركاه هو يحكم بما لكما وما عليكما، اتركاه وسيميز بنفسه إن كان الاستجواب شخصانياً أم مستحقاً. لا تزيدا حنق الناس فتتوالد جمعات الغضب والرحيل، ووتتحول كل أيام الأسبوع إلى جمعة، لا تُشعرا الشعب بأنه بلا صلاحيات ولا سلطات ولا قيمة. فكرا في ما هو أبعد، ولا تقصرا نظركما في ما هو تحت أقدامكما.


من أقسم أمام سمو الأمير وأمام ممثلي الأمة قسمه الدستوري فعليه أن يتحمل مسؤولياته وأن يكون دائماً مستعداً لرقابة الأمة وممثليها، ولا فارق هنا بين الوزير الشيخ والوزير غير الشيخ، وبشوت المشيخة التي تنفع في الديوانيات والمناسبات العامة كالأفراح والاحتفالات، لم يذكرها دستور 1962، فجميعكم موظفون لخدمة هذا الشعب وتأمين مصالحه وحماية مقدراته، وجميعكم مسؤولون أمامه.


وهمسة أخيرة في أذن الشيخ أحمد الفهد، لا تجعل الشيخ ناصر المحمد قدوتك، فهو بلا إمكانيات ولا قدرات تؤهله للدفاع عن نفسه، أما أنت فيراهن مريدوك على أنك ملك الحجة المتوج، لذا فلن نقبل لك عذراً ولا تبريراً، فاصعد وقل كل ما لديك من الجهة التي على يسار رئيس البرلمان لا الجهة المقابلة له.


نكررها.. اصعدا المنصة، واجها الاستجوابات، واحترما الدستور وإرادة الأمة.