اختباء خلف الذات الأميرية والتضحية ببقية أعضاء مجلس الوزراء
أقطاب الأسرة طرحوا الثقة في وزارة 1964 قبل القسم
.. وتوهق البطل..!!
معقولة ان يكون الشيخ احمد الفهد المعروف بالدهاء والحنكة والقدرة على المناورة، معقولة ان يكون بهذا «الجهل المركب» وبهذه السذاجة في العمل السياسي والغشامة ايضا في القانون والدستور؟ لم اصدق ذلك، وما زلت اعتقد ان العيب فيّ وفي فهمي للامور وليس في وزير بقدرات الشيخ احمد الفهد وخبراته. بل لندع الوزير جانبا، فماذا عن خبرات بل حتى سلامة عقل من كتب له مذكرته الدستورية. وهم من خبراء الدستور ودهاقنة القانون.. او هكذا المفروض؟
الطعن الاساسي الذي قدمه الشيخ احمد في الاستجواب الموجه اليه يتلخص في انه، اي الاستجواب، غير دستوري لانه تجاوز وتدخل في صلاحيات الامير، بل هو جريمة طعن في الذات الاميرية ايضا.!!! نحن نقبل، بل في الواقع نتوقع ان يخلط مبتدئ في القانون او عابر سبيل في دنيا السياسة بين ذات رئيس الدولة «اي الجسم والشخصية» التي صانها الدستور وبين القرارات اي السياسة الاميرية التي هي مجال نقاش وصراع بين رئيس الدولة والحكومة التي يعينها والناس. فهذه القرارات او القوانين المقترحة او السياسة المرسومة هي التي تحدد سلوك الناس وتتحكم في معاشهم، لهذا يحق لهم قبل اي كان ان يحددوها ويصوبوها ويغيروها رفضا او قبولا بوصفهم الامة مصدر السلطات. ان الامة هي التي ترسم وتحدد وتنفذ السياسة العامة في النهاية. رئيس الدولة يصدق على هذه الاعمال العامة ولكنه لا يملك وحيدا اصدارها او تنفيذها، «لا يصدر قانون الا اذا اقره مجلس الامة وصدق عليه الأمير. مادة 79 من الدستور. «بينما تملك الامة هذا الحق، ان توافق عليه ثلثا اعضاء مجلس الامة «يكون طلب اعادة النظر في مشروع القانون بمرسوم مسبب، فاذا اقره مجلس الامة ثانية بموافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير واصدره خلال ثلاثين يوما من ابلاغه اليه. مادة 66 من الدستور» اي ان القانون الذي يوافق عليه – للمرة الثانية – مجلس الامة باغلبية الثلثين يصبح نافذ المفعول مما يعني لاي مبتدئ بان السياسة العامة هي شأن عام وليس لها علاقة اطلاقا بالحصانة التي وفرها الدستور لذات رئيس الدولة. هذا يجعل من التصارع والاختلاف وممارسة النقد للسياسات وحتى للقائمين عليها ممكنا دون الوقوع في محظور المادة 54 التي فضل الشيخ احمد الاختباء خلفها. من دون هذا الوعي والفهم لنظامنا السياسي لا يصبح لدينا ديموقراطية ولا حرية رأي ولا حتى معارضة ولا هم يحزنون، لان كل القوانين والسياسات والقرارات وحتى الترقيات والبدلات تصدر بمراسيم اميرية تحمل اسم رئيس الدولة وتوقيعه المصونة ذاته بحكم المادة 54 التي يختبئ خلفها الشيخ احمد الفهد.
مذكرة الشيخ احمد «الدستورية» تمضي الى ابعد من هذا في سلب الامة حقها ومسؤولياتها في التشريع والمراقبة فهي – او هو لا فرق- تؤكد ان الثقة التي يمنحها الامير لوزرائه او لأي شيء كان يجب الا تناقش او يعقب عليها بل يقبل بها على انها ثقة اميرية غير قابلة للنقض..!! او كما لخصتها مذكرة الشيخ احمد.. «كما يتعارض هذا الاستجواب ايضا مع مقتضيات الثقة التي اولاها سمو امير البلاد للوزير المستجوب باعادة تعيينه في الوزارة الجديدة التي اعيد تشكيلها، وهي الثقة التي لا يجوز لأحد النيل منها او التعقيب عليها كما اسلفنا». كلنا نعرف ان المفروض ان اختيار الوزراء هو شأن خاص برئيس مجلس الوزراء وسبق لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد نفسه ان اكد انه لا يتدخل في التشكيلة الوزارية. هو يختار رئيس مجلس الوزراء والرئيس يختار وزراءه، هذا هو المعروف وهذا ما اكده صاحب السمو. اذن.. اختيار الشيخ احمد لا علاقة له بصاحب السمو او بالذات الاميرية التي يسعى للاختباء خلفها الشيخ احمد. ويمكننا ان نمضي الى مدى أبعد في استعراض الجهل والخطل اللذين تنضح بهما مذكرة الشيخ احمد «الدستورية» بمراجعة المادة 102، فهذه المادة تقر انه اذا رأت الامة مصدر السلطات ان رئيس الحكومة (لاحظ رئيس الحكومة وليس نائبه الثالث او الرابع كالشيخ احمد)، رئيس الحكومة الذي حل الامير المجلس من اجل الاحتفاظ به، اذا رأت مجددا انه غير اهل لثقتها فانه يقال ويتم تشكيل وزارة جديدة. اي ان الامة في النهاية هي التي تملك قرار تحديد مصير رئيس مجلس الوزراء، بغض النظر عن ثقة رئيس الدولة به او حتى تجديد هذه الثقة بعد حل مجلس الامة.. «وفي حالة الحل، اذا قرر المجلس الجديد بالاغلبية ذاتها عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة. المادة 102»… الشيخ احمد الفهد هو وزير في هذا المجلس الذي تملك الامة مصير رئيسه… فكيف سولت له نفسه ان يرتفع هكذا عن مساءلة الامة ورقابتها..؟!
الشيخ احمد يستغرب او هو يستنكر اقدام المستجوبين على استجوابه بعد سبعة ايام على مرور الرغبة السامية بتعيينه وزيرا، مما يعد في نظره تعديا على سلطات رئيس الدولة وعدم احترام او اهانة للذات الاميرية. ليس هناك في الدستور «توقيت» لممارسة الامة حقها في الرقابة او التشريع، بل هناك توقيت في الواقع لإلزام رئيس الدولة بالدعوة سواء للانتخابات او لعقد مجلس الامة. وللتاريخ ولعلم الشيخ احمد الفهد او لعلم من كتب مذكرته التفسيرية، فإن اقطاب الاسرة هم اول من طرح عدم الثقة او حتى عدم التعاون في وزارة عام 1964 حتى قبل ان يؤدي وزراؤها القسم.
الشيخ احمد بعد اختبائه خلف الحصانة الاميرية والمادة 54 من الدستور، يحاول الاحتماء بغيره من الوزراء لتبرئة نفسه او النأي بها عن المساءلة، وهذا ربما يوضح رفع الدعم الحكومي عنه الذي تميزت به جلسة التصويت على احالة استجوابه للجنة التشريعية. على طريقة «جئت بك يا بوزيد تعين، لقيتك يا بوزيد تنعان». الشيخ احمد اتى الوزارة لــ «تضبيط» الوضع على ما يقال وللتحكم في اتجاهات المجلس. مذكرة الشيخ احمد ومحاولته التملص من المساءلة عبر إلقاء التبعية على زملائه الوزراء تؤكد انه اضعف مما يبدو وانه سقط في الاختبار الحقيقي.
الشيخ احمد جاهد كثيرا للتملص من الاستجواب، حيث حاول ان يحصره في الامور الفنية والقانونية والدستورية… ولكن ليس للمساءلة السياسية نصيب او علاقة في استجواب الشيخ احمد.. فعلا الشيخ احمد الفهد (الله يذكرك بالخير يا سلوى الجسار) يلعب سياسة من دون تسييس وينسى انه مُساءَل بالدرجة الاولى لأنه «سياسي» اي لانه «احمد الفهد»، ولانه اقسم على ان يذود عن حريات الشعب وامواله، وان يؤدي اعماله بالامانة والصدق… المستجوبون يعتقدون بخلاف ذلك ولهذا قدموا الاستجواب.. فالشيخ احمد عندهم اخل بالقسم وهو من وجهة نظرهم غير لائق سياسيا مثل ما هو غير لائق رياضيا.. وعلى الشيخ احمد ان يفند ذلك او ان يتقبل النصيحة غير المعلنة لعلي الراشد.
عبداللطيف الدعيج
أضف تعليق