أقلامهم

مجلس الوزراء وفقا للدستور هو المهيمن بشأن السياسات العامة وإتخاذ القرارات، إلا أن محمد المقاطع لا يراه كذلك ويعتبر أن العلة في طريقة تسييره

إصلاح مجلس الوزراء 


محمد عبدالمحسن المقاطع 


تعتبر المادة 123 من الدستور هي حجر الزاوية في موقع ودور وأهمية وسلطة مجلس الوزراء، إذ تنص هذه المادة على أنه «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية»، وتتكامل مع هذه المادة المادة 55 من الدستور، كما تكمل هاتان المادتان المواد 127، 128، 129، 130، وهي جميعاً تعبر عن الموقع الدستوري الصحيح لمجلس الوزراء وهيمنته الحقيقية على شؤون الدولة من الجانب التنفيذي، وهذه هي جوهر النظام البرلماني الذي يتمحور في نظامه على الدور المركزي الذي يُسند إلى مجلس الوزراء وينهض به في أداء مهامه. غير أن مؤسسية مجلس الوزراء ودوره المهم في تسيير شؤون السلطة التنفيذية أصبحا في الكويت باهتين بل ويكادان يكونان هامشيين، وذلك بسبب الأسلوب الذي تُسيّر فيه شؤون مجلس الوزراء، وطريقة اتخاذ القرارات فيه، فعلى الرغم من أن مداولات مجلس الوزراء سرية، فإن تلك المداولات وما يرافقها من قرارات في متناول يد الناس ويتحدثون فيها في دواوينهم، وكذلك في منتدياتهم المختلفة، والمعلومات جميعها تشير إلى أن القرار في مجلس الوزراء ليس بيد هذا المجلس، فسلطته بالمادة 123 إن لم تكن متلاشية فهي بالكاد موجودة، حيث إن القرار إما يُتّخذ بناء على توجيهات ورأي رئيسه، وإما بناء على رأي هذا الشيخ أو ذاك من أعضاء المجلس أو ممن هم خارجه، وغاية الأمر أن القرار يتم التداول به بطريقة جانبية بين الوزير المعني ورئيس مجلس الوزراء، ويُحاط المجلس علماً به أثناء الاجتماع. وقد صارت هذه الصبغة، التي يسير عليها مجلس الوزراء، هي السائدة، فالوزراء لا يعدون أن يكونوا موظفين كبار «بدرجة وزير»، وهكذا وجد أحدهم نفسه عضواً في مجلس الوزراء الذي لا يُسهم في اتخاذ قراراته، كما حددتها المادة 123 من الدستور، في معظم الحالات، وكلما أقبلنا على تشكيل وزاري زاد عندنا الأمل في أن يكون الوزراء من نمط رجال الدولة الذين يصنعون السياسة العامة، ويسهمون في اتخاذ القرار المؤسسي في مجلس الوزراء، وكلما رأينا أسلوب تشكيل الحكومة وآلية اختيار الوزراء التي تعتمد على إرضاء هذا الطرف واتباع أسلوب المحاصصة وتوزير أقرباء هذا النائب أو صاحب نفوذ، بعيداً عن معايير الكفاءة والقدرة السياسية وموقع رجل الدولة، أصابنا الإحباط ببعد إصلاح مجلس الوزراء، وهو الأمر الذي انعكس أيضاً على أسلوب إدارة الوزراء في تعيين قيادييهم، ضاربين عرض الحائط بمبادئ التنصيب القيادي، واضعين مكانها المزاج والاختيارات الشخصية، والتي يأتي دور مجلس الوزراء للعلم بها لا أكثر، وبكل أسف. ولا شك أن على رأس هذا الإصلاح أن تبتعد الأسرة الحاكمة عن رئاسة مجلس الوزراء وعن المناصب الوزارية، إلا بصورة رمزية، عملاً بأحكام الدستور والحكمة التي أوردتها مذكرتها التفسيرية، لإبعادهم عن التجريح السياسي، وجعلهم خارج دائرة الصراع، والذي هو في أشد مراحله اليوم بينهم، بسبب عدم الأخذ بالإطار الدستوري السليم، وهو ما جاء بآثاره السلبية على البلد حتى اليوم، ولم يعد احتمال هذا الأمر ممكناً، فلا تجوز المجاملة حينما تنهار مصلحة البلد.
وللحديث تتمة،،
اللهم إني بلغت،،