أقلامهم

أحمد الديين يستحضر موقفا تاريخيا للكويت للإستعانة بدستور الأردن قبل إستقلاله، ويدعوها راهنا للإقتداء بالتحول الدستوري الوشيك في الأردن

الكويت والإصلاحات السياسية الأردنية!  
 
أحمد الديين
في بداية العام 1939 عندما طالب أعضاء مجلس الأمة التشريعي الثاني سمو الأمير حينذاك المغفور له الشيخ أحمد الجابر بإقرار مشروع الدستور الذي سبق لهم أن تقدموا به إليه، جاءهم الردّ منقولا على لسان سموه عبر موفد المجلس إليه، وفق ما يورده المغفور له خالد العدساني سكرتير ذلك المجلس في مذكراته، بأنّه “ليس لديّ أي غرض من تأجيل الدستور، وإنما كنت أرغب في جلب صورة من دستور شرق الأردن لأني حسبما سمعت من رآه أنّه أنسب إلى أوضاع الكويت من سواه، وقد أبرق القنصل في طلب تلك الصورة من شرق الأردن”.
وبعيدا عن الخوض في التفاصيل والملابسات والأحداث المؤسفة التي أنهت تلك التجربة الديمقراطية الكويتية الرائدة بعد أشهر قلائل من ولادتها، فإنّ ما يعنيني الآن من تلك الواقعة التاريخية هو استذكار موقف المغفور له الأمير الأسبق الشيخ أحمد الجابر الذي كان يرى أن يُصاغ دستور إمارة الكويت حينذاك على نحو مقارب ومشابه لدستور إمارة شرق الأردن الذي صدر في أبريل من العام 1928 تحت اسم “القانون الأساسي لشرق الأردن”، وذلك قبل أن تتحوّل الأردن إلى مملكة في نهاية الأربعينيات.
ويوم أمس الأول أعلن ملك الأردن توجهه إلى الموافقة على الإصلاحات الدستورية المقترحة على النظام السياسي للمملكة التي شارفت على انجازها “لجنة الحوار الوطني” المؤلّفة بعد التحرك الشعبي المطالب بـ “إصلاح النظام”، حيث ستتضمن الإصلاحات من بين ما ستتضمنه بدء التحوّل نحو استكمال الانتقال الفعلي إلى الطابع البرلماني للنظام الملكي الدستوري، بحيث يتخلى الملك عن سلطته الدستورية الحالية في تسمية رئيس مجلس الوزراء لتناط هذه المهمة بحزب أو كتلة أحزاب الغالبية البرلمانية، بالإضافة إلى إصلاح قانوني الانتخابات النيابية والأحزاب السياسية المعيبين حاليا بما يتوافق مع المعايير الديمقراطية للنظم الانتخابية والحياة الحزبية السليمة.
وفي اتجاه مماثل سبق أن أعلن ملك المغرب عن استجابته للمطالب الشعبية التي نادت بـ “إصلاح النظام” ووافق على إجراء إصلاحات ديمقراطية عميقة على بنية النظام السياسي تعزز الطابع البرلماني للملكية الدستورية.
ولعلّنا في الكويت معنيون أكثر من غيرنا في بقية البلدان العربية بالاستفادة من محاولات الإصلاح الديمقراطي المستهدفة في المملكتين الأردنية والمغربية وما يمكن أن توفره هذه المحاولات الإصلاحية – إذا ما تحققت على نحو جاد – من استقرار مفترض وتطور ديمقراطي متسق للنظامين السياسيين في المملكتين وذلك على قاعدة التوافق الوطني والاستجابة الواعية والمبكرة لاستحقاقي التحوّل الديمقراطي والتغيير اللذين سيجتاحان عموم بلدان المنطقة بعد اندلاع الانتفاضات الشعبية وانطلاق التغييرات الثورية العاصفة ضد أنظمة الاستبداد والفساد التي بدأت في تونس ومصر وامتدت إلى ليبيا واليمن وسورية ولن تنحصر بالضرورة في هذه البلدان الخمسة وحدها… والعاقل حقا مَنْ بادر إلى إصلاح نظامه قبل أن يُفرض عليه ذلك؛ ومَنْ اتعظ بغيره واستفاد من تجارب الآخرين بعيدا عن المكابرة ومعاندة مسار التطور التاريخي.