كتاب سبر

المرأة الثورة

في جلسة من العمر، بالقرب من نهر النيل الغافي على حضن مصر ـ ما بعد الثورة ـ  استعداداً لاستقبال صباحها الجديد المجيد، جمعتني الصدفة الجميلة بالمفكر العربي د/عزمي بشارة، ضمن فعاليات مؤتمر (التحول الديمقراطي، والثورات العربية)، وقد تحدث بحديثٍ عرّى فيه الواقع وكشفه من جميع أبعاده، وكان من ضمن ما قال في كلمته: “الآن في الوطن العربي يوجد مزاج ثوري لابد من استثماره”.. 

في الواقع يبدو لي أن المرأة العربية، وأخص هنا المرأة في شبه الجزيرة النفطية العربية! توصلت إلى هذه الحقيقة التي ذكرها الدكتور عزمي بشارة بفطرتها السياسية النقية، التي لم تفسدها الموجات الفكرية التي اقتحمت المنطقة في غفلة من العقل الواعي، حيث أفسدت الفطر البريئة الأفكار السوية، فتلقفن هذا المزاج الثوري، وواكبنه بحراكٍ تغييري جميل، يبحثن فيه عن إنسانيتهن المدفونة تحت رمال الحرمان و”التحريم”، ولسان حالهن “بأي ذنبٍ قتلت”!!

إن هذا الحراك العربي في ربيعه الزاهر، أقول مخلصاً: يجب أن يواكبه حراك فكري يرقى لمستواه التغييري الضخم الذي حصد ويحصد رؤوس الاستبداد السياسي، وعليه أن لا يغفل كذلك عن رؤوس الاستبداد الفكري، الذين كانوا عبارة عن غطاء تبريري لكل فعلات المستبد، ووقوفه جداراً صلباً أمام نهضة مجتمعاتنا العربية وتقدمها.

لابد مع سقوط آخر الأصنام الاستبدادية، أن يسقط بالتزامن معها أولئك الحجّاب والسدنة، القائمون بدور الوصاية الفكرية على العقل العربي، وعقل المرأة بالخصوص، وكأنها قاصرة عن القيام بشؤونها، ومعرفة ما يصلح لها وما لا يصلح، في مشهدٍ غارقٍ في القدم، يعيد للأذهان منظر المرأة، وهي تُستعبد وتهان للمخلوق الذكري الكامل الخِلقة!!، كما عند الأمم البائدة التي تفننت في احتقار المرأة، والحط من قيمتها!

إن التأمل في واقع المرأة العربية في بعض البلدان المجاورة! والبعيدة، يعطي مؤشراتٍ يستحيل أن يرضى بها، أو يتغافل عنها، أنصار الحرية، وبناة النهضة في هذا العصر الجديد.

 فأي معنىً لنهضة الأمة وتقدمها في الوقت الذي تغيب فيه روحها وجوهرها وقلبها النابض بالحياة عن المشاركة في المجتمع، والمساهمة كما كانت دائماً إبان عصور التنوير في بناء الحضارة، والرقي بالإنسان إلى حيث المكانة التي يستحق!

إن الواقفين في وجه تحرر المرأة من القيود الوهمية المصطنعة، والتي تمثل مجموعةً من الأعراف والتقاليد البالية، أو التفسيرات والفهوم السطحية لتعاليم الدين السمحاء القائمة على العدل، والمساواة، هم  أنفسهم الذين يقفون في وجه الأمة، وإرادة تحررها من قبضة الاستبداد.

إن الأمة ممثلةً بنسائها ورجالها في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة قرروا التقدم نحو حريتهم، والاستماتة دون عيشهم بكرامة، ولا رجوع عن هذا الخيار.

ـ قبل المسك الختامي: هناك شريعةٌ واحدة من الممكن أن تقف في وجه المرأة والأمة ونهضتهما!، وهي شريعة التخلف والجهل، وللتخلف والجهل قيادات وأنصار في كل زمان ومكان، كما أن للنهضة والعلم قيادات وأنصار، وقد آن أوان قيادتها ونصرتها.

سعد بن ثقل العجمي

Twitter:@alajmi_saad