أقلامهم

لا فائدة من دستور وديموقراطية يموتان عند إلقاء أصواتنا في صناديق الاقتراع، لتحيا بعدهما الذمم الفاسدة والضمائر الرخيصة، هذا مايراه بدر خالد البحر

شهر مايو المنصرم هو أكثر دموية في صفوف الأميركان في أفغانستان، مما زاد الضغط على البيت الأبيض، ليقرر الانسحاب بعد آلاف الضحايا ومليارات الخسائر، لا بل وترتيب محادثات سلام مع «طالبان»؟! عدوهم اللدود، الذي سيلتهم حليفتهم الحكومة الأفغانية بعد الانسحاب! وها هم مرة أخرى يسلمون حلفاءهم لأعدائهم بعد كل هزيمة، كما فعلوا في فيتنام والصومال والعراق، وكما تخلوا عن أكبر حلفائهم في الشرق الأوسط: مبارك وبن علي وصالح، وتخلّوا عن حلفائهم في الخليج العربي بعد ان فضحت تحركاتهم ضد تدخل «درع الجزيرة» في البحرين. أفبعد كل هذا نأتي ونعتقد اننا لا نزال مهمين للأميركان «علشان كم برميل نفط؟!»، غير واعين للخطر على ضفتي الحدود الشمالية والشرقية؟!
إن الخطر الذي يلفنا أكبر من القضايا التي ينشغل بها الرئيس ووزراؤه، وان الشعارات التي أطلقها بعد الاستجواب الأخير «الدستور الدستور وتحيا الديموقراطية» لا فائدة منها، فهي الشعارات نفسها التي يعتنقها أي نظام ديموقراطي مثل باكستان.
فلا فائدة من دستور وديموقراطية يموتان عند إلقاء أصواتنا في صناديق الاقتراع، لتحيا بعدهما الذمم الفاسدة والضمائر الرخيصة. وحتى لا يزعل الكويتيون، فنحن لسنا الوحيدين، هذا فما حدث في «شيكات د. فيصل المسلم» حدث في الهند، حين استطاعت المعارضة تصوير أحد زعماء الحزب الحاكم وهو يقبض رشوة، فتحول الأمر إلى إدانة للمعارضة ووصمها بالتآمر وملاحقتها! وهو ما يحدث نفسه – ايضا – في سائر الدول العربية والشرق آسيوية، وحتى لا نزعل مرة أخرى، فالفساد نفسه موجود عند الغرب، ولكنهم إن أمسكوه فضحوه وأدانوه وعزلوه، كما حدث مع نيكسون وكلينتون والمستشار الألماني هيلموت كول ورئيس وزراء إسرائيل أولمرت وغيرهم كثيرون، مما يدفع بالبعض الى الانتحار كما حدث مع الرئيس الكوري الجنوبي الأسبق روه موهيون.
وبما ان الاستقالة والانتحار يحتاجان الى حياء، والحياء يحتاج الى رجال، فإن أمد الصراع السياسي لدينا سيطول، حتى نفاجأ باقتيادنا إلى مأدبة إقليمية على طاولة مستديرة نجبر فيها على تجرع قرار الإطاحة بالزعماء وإعادة تقسيم المنطقة بعد ان فشلنا في إدارة سلاح النفط، وإدارة الصراع مع إيران وإدارة التحالف مع أميركا، وتخيل ان يحدث كل هذا في عهد حكومة فاشلة، لا ندري في الاستجوابات التي ستمر والتي مرت كم هي كلفة ضمائر اشتريت ومال سياسي استهلك وحالات علاج وسياحة في الخارج مُررت ومناصب على غير المستحقين وزعت، وكفاءات ظُلمت ومناقصات رُسّيت وأراض بعثرت ومال عام أهدر، ليرحل هذا الشعب من أجل بقاء هذا الرئيس!
* * *
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.