أقلامهم

الدعيج يشجع عزل شباب التغيير عن المجاميع النيابية.. ويطالب بمواجهة التحدي

عبداللطيف الدعيج 

متى نواجه التحديات؟

يجب أن نسجل إعجابنا ـــ ولو متأخراً ـــ بمحاولة شباب التغيير عزل انفسهم عن المجاميع النيابية التقليدية في حركة الاحتجاجات الاخيرة على سوء الاوضاع في البلد. لكن من الضروري الاشارة الى ان العزل او محاولة الانفكاك ـــ التي في الواقع لم تنجح بشكل ملاحظ ـــ عن مجاميع التكسب والضجيج النيابي بالذات من الضروري ان تكون في الاهداف وفي المنطلقات وليس في اشكال الاحتجاج او اماكن التجمع.

إن المجاميع النيابية، خصوصا جماعة «الا الدستور»، لديهم اهداف خاصة وغير ديموقراطية. وأي حركة ديموقراطية أو حتى وطنية مطالبة بان تتبنى اهدافا ديموقراطية ووطنية محددة، وليست اهدافا «سياسية» آنية يتم تغليفها بادعاءات وشعارات وطنية. إن رحيل رئيس مجلس الوزراء ليس الحل، ورحيل الشيخ ناصر بالذات لن يغير شيئا، تماما مثل ما لن يغير شيئا ولن يؤدي الى نتيجة رفع شعارات طوباوية أو الهتاف لأهداف بعيدة المنال.

ربما يقع الخطأ الأكبر في كل الحركات ومحاولات التثوير أو الاصلاح السياسية انها ترسم اهدافا «ثقيلة» وتطرح طموحات كبيرة، وتتطلع الى نتائج بعيدة. لنضع التحديات الكبرى جانبا، ليس اهمالا، ولكن لان حل الامور الصغرى يؤدي في غالب الوقت الى تسهيل الأعقد والأكبر من مشاكل. جميع قوانا ومجاميعنا السياسية وكتلنا النيابية معنية بــ «التنمية ومشغولة بتنويع مصادر الدخل» أو ايجاد مصادر بديلة للدخل عن النفط، لنضع هذه جانبا ونبدأ في طرح الحلول للمشاكل اليومية وما يواجهنا من تحديات مستمرة ومتكررة في حياتنا ومعيشتنا الحالية.

لدينا مشاكل في كل الادارات والمؤسسات وحتى البنى الاجتماعية. لدينا ازمة مرورية تودي بحياة الغالين من ابناء الوطن وتحرق بلا كلل اعصاب الباقي، ولدينا ازمة علاج صحي فنحن نعترف بعجزنا عن علاج مرضانا عبر ارسالهم الى الخارج. ولدينا ازمة في التعليم، فنحن شاغلون انفسنا بتربية خلق الله لمواجهة يوم الحشر بدلا من اعدادهم للمشاركة في التنمية المطلوبة. ولدينا فساد في نفوس المواطنين، وليس المسؤولين كما يزعم البعض، وانتشار غير طبيعي للواسطة والمحسوبية. ولدينا اغلبية من المواطنين معنية بالتكسب والتعيش على الانفاق الوطني بدلا من المساهمة به. لدينا الكثير، الكثير ايضا من الامراض والعقد والازمات.. لكن الجميع يتهرب من مواجهتها اما بطرح الاهداف البعيدة والكبرى، كالتنمية وتنويع مصادر الدخل او باشغالنا بمعارك جانبية كاسقاط الحكومة.. فهل يعي شباب التغيير ذلك ويبدأون بمواجهة قضايانا ومشاكلنا الملحة.. بدلا من الهروب الكبير؟