أقلامهم

الدعيج يرفض دعوة القبس لمؤتمر وطني .. ويعتبر الظروف غير وطنية

عبداللطيف الدعيج 

مؤتمر وطني بلا وطنيين..!!

لا تبدو لي الدعوة التي اطلقتها القبس يوم امس في افتتاحيتها، والتي هي اصلا تكرار لمطلب تم طرحه من قبل الكثير قبل سنوات، لا تبدو لي هذه الدعوة منطقية أو حتى سليمة. وذلك لامر بديهي ومحسوس، وربما هو سبب ازماتنا ومشاكلنا الحالية. فعقدة مشاكلنا – في نظري – هي في «غياب الوطنيين» أو العنصر الوطني، واذا كنا نفتقد العنصر الوطني فان من البديهي انه سيكون صعبا ان لم يكن مستحيلا عقد «مؤتمر وطني» من دون هذا العنصر.

لقد تميزت العقود الثلاثة الماضية، التي سبقت التحرير، والتي عرفت بكونها عهد المرحوم الشيخ سعد العبدالله وعهد سيطرة الاسرة وحيدة – الى حد ما – على مقدّرات الامور في البلد، تميزت هذه العقود الثلاثة بتغييب الوطنية أو الانتماء الكويتي، واستبداله من قبل الاعلام ومؤسسات الدولة بالولاء القبلي أو الديني، ومن لم يكن متدينا أو قبليا وجد في العائلة أو الطائفة مكانا له. وفي الواقع يمكن الجزم حتى اليوم بان هذا التغييب لا يزال مستمرا، وان من الصعب نزعه بسهولة من عقلية الجيل الحالي ونفسيته، الذي تعهدته المجاميع الدينية ورعته السلطة القبلية.

لهذا، فان من الصعب اليوم ان نطرح – وبشكل غير محدد أو بالاحرى مقيد – دعوة للحوار الوطني، في الوقت الذي تشكل فيه المجاميع القبلية والدينية «الاغلبية» السياسية والقوة المهيمنة على المؤسسات والبنى السياسية. لو دعونا حاليا الى مؤتمر وطني مفتوح لكل الكويتيين فان المفاهيم والقرارات القبلية والدينية هي التي ستتسيّد المؤتمر، وستأتي قراراته وتوصياته انعكاسا للوضع الاجتماعي والسياسي المتخلف الذي يلفّنا اليوم.

ان تخلفنا السياسي الحالي، والازمات المتلاحقة التي نعيش ليس سببها الاساسي «السلطة»، مع انها أسهمت كثيرا بها، خصوصا في مرحلة عهد الشيخ سعد، ولكن سببها الحالي والذي يحول دون محاولات التصحيح والاصلاح هو تسيّد الروح الدينية والعصبية القبلية والعقلية الصحراوية – العقلية الصحراوية هي ما عند ابناء القبائل وغيرهم – بدلا من الانتماء الوطني والروح المدنية. فهل من المصلحة الوطنية عقد مؤتمر بلا قيود أو شروط في ظل هذه الظروف «غير الوطنية»؟