أقلامهم

عزيزة المفرج تقول “إن القلاقل ازدادت عندنا والأزمات كثرت بعدما ازداد عدد الجرائد”

احتكار غير مؤذٍ


عزيزة المفرج


قرأت في إحدى المرات مقالة تخلص الى ان التعديلات التي تبناها الدكتور أنس الرشيد أنهت احتكار عائلات معينة لتراخيص الصحف، وأتاح هذا الشيء لكل مواطن كويتي، وكل تيار، وكل شريحة، وكل فئة، حرية التعبير كي لا يشعر ككويتي بأنه محروم من التعبير عن أفكاره وآرائه، وهو الحرمان الذي حذرت منه المذكرة التفسيرية واعتبرته سببا لحدوث قلاقل في البلد.
من تقاليد الكويت المعروفة ربما منذ نشأتها، تجمع الرجال في الدواوين، وفي ظل بساطة وتسامح الحكم في البلاد كانت تلك الدواوين عبارة عن برلمانات شعبية مصغرة تطرح فيها كل القضايا، ويقال فيها كل شيء.الكويت اذن لم تعرف يوما شخصاً محروماً من حرية التعبير، فالكل فيها يحكي ويتكلم، والكل فيها (لسانه يلوط أذانه) في السابق واللاحق من الزمن.الكويتيون جالسون في الأسواق والدواوين لا يفعلون شيئا أكثر من تبادل الأحاديث، والكلام عن كل ما يهمهم، فلا نظام الحكم تضايقه حرية ابداء الآراء، ولا رجال أمن واستخبارات تحصي على كل واحد الحروف التي ينطقها، ثم تقوم بسحبه من عتراه لأقرب سجن أو معتقل.في الكويت، الكل يتكلم، ولكنه كلام لا يتعدى أدب الحوار، واحترام المراتب.
ما اذن المشكلات التي كانت تعانيها شرائح معينة، ولا يفتح لها المجال بالتعبير عنها، وهو ما يؤدي الى اثارة القلاقل.
الله يخليكم.هل كثرت عندنا القلاقل بتلك الصورة، وازدادت عندنا الأزمات بهذا الشكل الا لما كثر عدد الجرائد، وصار اللي يحب النبي يضرب.هل تفرقنا شيعا وأحزابا، وصرنا لا يطيق بعضنا بعضا، وننام على أزمة ونصبح على مشكلة الا لما زاد عدد ملاك الصحف، وبعد ان فتح المجال لكل حاقد بالتعبير عن مكنونات نفسه، وأمراضه المخفية ليقوم بنفثها في جسد هذا البلد الكريم، ويهاجم فيها المحترمين والشرفاء من أبنائه.هل كنا سنشاهد ما نشاهده الآن من ثورة وهياج لولا صحف وفضائيات تبحث عن الاثارة، وها نحن، بفضل توجهات ملاكها، صرنا نرى الواحد من هؤلاء واقفاً يخطب أمام جماهير وكأنه قائد الرايخ الثالث يهدد دول المحور بمسحها عن وجه الأرض.حقيقة لم نقبض من تلك الحرية المفرطة الا مفردات وعبارات نسمعها على الملأ، لا توقير فيها ولا احترام لأحد، كبيرا كان أو صغيرا، وها هم الجميع يتكلمون حتى الذين لم يتعلموا الأدب.
في النهاية، لا مشكلة في ان يتكلم الانسان ويعبر عن ذاته، المشكلة حين يقود كلامه الى الدمار والخراب، واثارة القلاقل في المجتمع.