تشويه ظالم لتاريخ وطني مشرّف!
أحمد الديين
تكررت في الأسابيع الأخيرة محاولات التشويه الظالمة لتاريخ الزعيم الوطني الدكتور أحمد الخطيب ولتاريخ الحركة الوطنية الكويتية بتياراتها المختلفة القومية والوطنية والديمقراطية والتقدمية والليبرالية… وبالتأكيد فقد كانت هناك أخطاء ونواقص وسلبيات ومواقف غير سليمة شهدها المسار الممتد في العمل السياسي لكل من الدكتور أحمد وتيارات الحركة الوطنية الكويتية منذ بداية الخمسينيات، ولكن هناك فارقا كبيرا بين النقد الموضوعي لتلك الأخطاء والسلبيات في إطار ظروفها التاريخية وبين إنكار الدور الريادي الايجابي ومحاولة طمسه وتشويهه.
إذ لا يمكن لمنصف أن ينكر الدور السياسي والوطني والديمقراطي المشهود للدكتور أحمد الخطيب في قيادة تنظيمات الحركة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني والمعارضة النيابية والصحافة الوطنية بدءا من “حركة القوميين العرب” و”النادي الثقافي القومي” ومجلة “الإيمان” وملحقها الأسبوعي “صدى الإيمان” ولجنة الأندية في الخمسينيات؛ مرورا بموقعه النيابي في المجلس التأسيسي وقيادة كتلة المعارضة الوطنية في عدد من مجالس الأمة وتوجيهه السياسي لمجلة “الطليعة” و”نادي الاستقلال” في الستينيات، وصولا إلى زعامته السياسية لكل من “حركة التقدميين الديمقراطيين” و”التجمع الديمقراطي” في السبعينيات والثمانينيات؛ وانتهاء بمساهمته في رعاية “المنبر الديمقراطي” في بداية التسعينيات إلى أن تقاعد مختارا عن العمل البرلماني في العام 1996 مع استمرار إسهامه في توجيه العمل السياسي الوطني عبر المحاضرات والمقالات واللقاءات والتجمعات العامة وطرح المبادرات، وآخر هذه المبادرات تقديمه مقترحات مكتوبة إلى بعض المجموعات الشبابية الناشطة.
أما المبادرات والمعارك التي خاضها الدكتور أحمد الخطيب والحركة الوطنية الكويتية بتياراتها المختلفة وشخصياتها البارزة فهي شواهد تاريخية مشرّفة لا يستطيع أحد تشويهها مهما حاول ذلك… فالدكتور الخطيب من موقعه في قيادة “لجنة الأندية الكويتية” في أواسط الخمسينيات هو المبادر إلى الدعوة لتأسيس “الهيئة التنظيمية الأهلية” التي يفترض أن تتولى التحضير لوضع دستور للبلاد وانتخاب مجلس تشريعي وذلك بانتخابها في اجتماع شعبي عام منعته السلطة بالقوة كان مقررا انعقاده بمسجد السوق في العام 1955، أما رفيق دربه وزميله في زعامة الحركة الوطنية الكويتية الأستاذ جاسم القطامي فهو الذي أعلن بشجاعة نادرة في خطابه التاريخي الذي ألقاء في مهرجان فبراير 1959 بثانوية الشويخ المطالبة بقيام حكم دستوري بديلا عن الحكم العشائري القائم حينذاك… وعندما انتخب الكويتيون مجلسهم التأسيسي في العام 1962 ساهم الدكتور أحمد الخطيب ونواب الحركة الوطنية في تثبيت المكتسبات الديمقراطية ضمن الوثيقة الدستورية… وفي مجلس الأمة الأول قاد الدكتور الخطيب كتلة المعارضة الوطنية التي تصدّت للقوانين غير الديمقراطية التي عمدت السلطة إلى فرضها بدعم من الغالبية النيابية الموالية لها ما اضطر نواب كتلة المعارضة الثمانية إلى تقديم استقالاتهم من عضوية ذلك المجلس في وثيقة إدانة تاريخية للموقف السلطوي المناهض للديمقراطية، هذا بالإضافة إلى إسهام الدكتور الخطيب ونواب كتلة المعارضة قبل استقالتهم في التصدي لمشروع اتفاقية تنفيق العائدات المجحفة بالحقوق الكويتية التي حاولت شركات النفط الأجنبية تمريرها في مجلس الأمة… وفي هذا السياق يعود الفضل إلى الحركة الوطنية ونواب كتلة المعارضة المرتبطة بها وإلى الأخ الكبير عبدالله النيباري تحديدا في التصدي لمشروع المشاركة النفطية المجحفة الذي حاولت الاحتكارات النفطية الأجنبية تمريره في مجلس الأمة الثالث عندما أصبح قرار الامتلاك الوطني للقطاع النفطي ممكنا.
وغير هذا لا يمكن إنكار الدور المبادر للحركة الوطنية الكويتية تحت زعامة الدكتور أحمد الخطيب وبمساهمة مباشرة من رفيق دربه المرحوم سامي المنيس في تأسيس الحركة النقابية العمالية في النصف الأول من ستينيات القرن العشرين، وكذلك لا يمكن إنكار دور شباب الحركة الوطنية آنذاك في تأسيس الحركة الطلابية الكويتية ممثلة بالاتحاد المحلي للطلبة الثانويين والاتحاد الوطني لطلبة الكويت، ولم يكن هناك أي دور على الإطلاق للجماعات السياسية الأخرى في تلك المبادرات التاريخية التأسيسية.
هذا بعض ما يحفظه التاريخ الكويتي من دور مشرّف للدكتور أحمد الخطيب ولزملائه وللحركة الوطنية الكويتية بمختلف تياراتها، وهو دور لن يستطيع الجهلاء ولا الجاحدون طمسه أو تشويهه مهما حاولوا ذلك!
أضف تعليق