أقلامهم

وليد الجاسم: العم سام مهتم بالسؤال عن أحوال الخدم لدينا وتحريضهم على التمرد والخروج عن طاعة أصحاب العمل بدعوى الإنسانية

أبو الأمريكان لأبو الاتجار بالبشر!


وليد جاسم الجاسم


 


حالة من الرعب المتلاحقة تنتاب المؤسسات الرسمية لتحسين سجل الكويت في حقوق الإنسان وتحديداً في التعامل مع العمالة الأجنبية الوافدة الى البلاد وكذلك – وهو بيت القصيد – التعامل مع خدم المنازل.
الكويت توفر فرص عمل كبيرة جداً بظروف ملائمة ومريحة لأعداد هائلة من العمالة الهامشية التي تعيش في بلدانها أساساً (عالة) على الاقتصاد هناك، فلا هي بالعمالة المتعلمة ولا الفنية ولا المؤهلة ولا المهذبة، والكثير من هؤلاء الذين يأتون الى بلادنا كعمالة منزلية (خدم) هم في الواقع يعانون البطالة، ويقاسون ويلات الفقر والفاقة، ولا يمكن أن يجدوا ظروفاً أفضل في بلدانهم المتخمة بالقوى البشرية الأعلى منهم تأهيلاً، يعني باختصار (ما لهم أمل يلقون شغل.. ولا يعيشون عيشة أوادم في دولهم.. وحدهم يعيشون في غرف من الصفيح تملأ جنباتها الأوساخ والأمراض.. ويقتحمها سيل الأمطار مرات عدة في السنة، فتختلط عليهم داخل بيوتهم «الشينكو الصدئة» مياه الأمطار بمياه المجاري).
مثل هذه العمالة متى أتيح لها العمل في الكويت فهي تنتقل من حال الى حال، يقيمون في بيوت نظيفة مكيفة صحية ويحصلون على غرف خاصة وأسرّة ووجبات طعام كاملة ليس لثلاث مرات يومياً، بل خمس وست مرات، وعليهم بالعافية، فهم يعاونوننا في بيوتنا ويتحملون عبئاً كبيراً عنا وعن ربات المنازل، وهم يؤجرون على ذلك رواتب تكفي أهليهم الفاقة والسؤال، أما عن متطلباتهم في بيوتنا، فلا يحتاجون إلى أن يصرفوا فلساً (حمر)، فهم يأكلون ويشربون مثلما نأكل ونشرب، ويتطيبون مثلما نتطيب، ونوفر لهم الصابون والماء والملابس حتى (الديودرانت).. وإذا خرجوا في إجازة أخذوا حتى قيمة حلاقة شعورهم، وفوق هذا وذاك يعاملون معاملة إنسانية راقية من قبل مخدوميهم في أغلب الأحوال، وإن كان لهذه القاعدة شواذ فهم قلة عندنا.
لكن هذا الحال لا يرضي العم سام.. الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، فتراه لا يسأل عن حال هؤلاء في دولهم وكيف يعيشون عيشة مهينة ذليلة.. لا طعام ولا شراب ومن يمرض إن لم يقوَ جسده على المقاومة.. (راح من كيس أهله).
لكن العم سام مهتم جداً بالسؤال عن أحوالهم في بيوتنا، وتحريضهم على التمرد والخروج عن طاعة أصحاب العمل، بدعوى الإنسانية التي لا ينافسنا عليها أحد، فليس في العالم من هم أطيب منا ولا أكثر خيراً وعطاء، نعطي ولا نأخذ، ولسنا مثلهم الرجل يدفع حسابه.. وامرأته تدفع عما أكلته في المطعم وهي بمعية صديقها!
ووزارة الشؤون تخاف من العم سام.. وتسعى الى إرضائه وتزيد القيود علينا يوماً بعد يوم سواء في القوانين المحرضة على التمرد أو في الرسوم والتكاليف التي باتت تثقل كواهل الناس في استقدام العمالة المنزلية، عدا الخنوع تجاه الشروط المتصاعدة والعقود المجحفة بحقنا التي تجبرنا سفاراتهم على توقيعها.
«الخدامة» وصلت 700 و800 وربما قريباً جداً (في رمضان) ستلامس الألف دينار كلفة استقدامها، ويا ويلك يا سواد ليلك إذا الخادمة وصلت، وقررت ان تتمرد عليك بفضل قوانين الشؤون (الخوافة من العم سام)، راحت الفلوس، وطارت الخدامة، وراح الوقت والجهد، وتعال عيد إجراءاتك مع الداخلية والسفارات.
المملكة العربية السعودية تتميز بحزم شديد في مثل هذه الأمور، ولا تسمح لأحد أن (يدوس لها على طرف)، وآخر ما فعلته منعها دخول العمالة الفلبينية، فصارت الفلبين هي التي تركض وراء الرياض آملة (رحمتها) والسماح لعمالتها بدخول أراضيها، بينما عندنا (يتفلسف) السفراء، ويحاولون إلغاء الأحكام القضائية على عمالتهم التي ارتكبت جرائم في بلادنا، ويزيدون القيود والضوابط يوماً بعد يوم علينا.
على الكويت أن تقتدي بالشقيقة المملكة العربية السعودية في هذا الأمر، وأرجو ألا تستخف به، ففي كل بيت كويتي خادمتان أو أكثر، وليسع وزراء الشؤون في دول مجلس التعاون الخليجي لاتخاذ مواقف صارمة جماعية حتى لو كانت بمقاطعة بعض الجنسيات ومنع دخولها بدلاً من تتبع رضا العم سام الذي لن يرضى أبداً، وسنظل في نظره دائماً مقصرين في حقوق الإنسان وسجلّنا تلطخه بقع سوداء لن تنظفها أعتى مساحيق الغسيل في العالم.
???
الفتوى.. وهاجس التعيينات


أتمنى ألا تكون إدارة الفتوى والتشريع مقدمة على مرحلة من العبث «التعييني» واستخدامها للترضيات السياسية وكسب المواقف والولاءات، وهذا الهاجس ليس هاجسي وحدي، بل هو هاجس مقلق لعدد من العاملين والمهتمين بهذه الإدارة وهم يرون هجمة التعيينات.
منذ السبعينات حتى الآن عدد الأعضاء في الفتوى كان 280 عضواً من وكلاء ومستشارين ومحامي دولة، واليوم ستتم إضافة ما بين 160 – 200 عضو جديد، والخوف يتصاعد من دخول عناصر غير كفؤة وغير مؤهلة وبشهادات (نصف مضروبة).