الصحة هرم مقلوب يا سيادة الوزير
ذعار الرشيدي
يتحول بعض القراء مع مرور الزمن الى اصدقاء للكاتب «واعني اصدقاء مراسلة» ولا تخلو رسائلهم من نقد واحيانا تحوي توضيحا لما اكتب او تنبيها واحيانا كثيرة تكشف لي ككاتب ما لا اعرف او بالاصح ما لم اكن اعرف، وعندما تناولت الاسبوع الماضي حكاية طبيب القــصر الـــذي يفحص الاطـــفال المرضــى بـ 3 ثوان فقط ويقوم بطرد والدة او والد الطفل اذا ما حاول الاستفسار قائلا: «الصيدلي يفهمكم»، وردتني رسالة من احد القراء الاصدقاء وهو بالمناسبة طبيب متخصص في مجاله وسأنشرها كما وردت خاصة انها تثبت ان وزارة الصحة ليست بأكثر من هرم مقلوب آخر في الدولة، وطبعا طبيب الاطفال الذي تحدثت عنه في القصر لايزال على رأس عمله لم يستفسر احد عن حقيقة الشكاوى التي يعرفها سكان القصر جيدا عن هذا الطبيب «المنفس» واليكم رسالة الطبيب الصديق كما وردت بتصرف بسيط مني:
قرأت مقالكم الموسوم «لصوص الفساد السياسي» و«طبيب الـ 3 ثواني» والحقيقة أنه لدي بعض الملاحظات والتعليقات على هذا الموضوع لانه ذو صلة بمجال عملي كطبيب وسأجري مقارنة بسيطة بين النظام الصحي الكويتي والنظام البريطاني، حيث عملت هناك لفترة ليست بالقصيرة كطبيب عائلة.
وتعليقا على مقالكم لابد من الاشارة الى ان نظام الرعاية الاولية (المستوصفات ـ طب العائلة) يعاني من نقص مزمن في الموارد البشرية الكفؤة، وكذلك في الموارد المادية، فعلى سبيل المثال، يستطيع أي طبيب متخرج من أي كلية طب في العالم أن يتقدم لملء هذه الوظيفة هنا في الكويت دون أي خبرة كافية، في المقابل في بريطانيا لا يستطيع أي طبيب مهما كان اختصاصه أن يقوم بالعمل كطبيب عائلة في المستوصف دون اذن وتدريب خاص يخوله للقيام بهذه الوظيفة لاهميتها في الهرم الطبي البريطاني.
ويقوم طبيب المستوصف في بريطانيا بتشخيص وعلاج والاشراف على الكثير من الامراض المزمنة كالسكري وضغط الدم والاكتئاب والربو وحتى بعض أمراض القلب، في مقابل ذلك لا يستطيع طبيب المستوصف الكويتي أن يعالج الكثير من هذه الامراض اما بسبب نقص الادوية أو بسبب عدم وجود الخبرة والتدريب الكافيين.
يقوم النظام الصحي البريطاني على أساس الرعاية الاولية (المستوصف) بينما الهرم مقلوب في الكويت فتجد النظام يقوم على أساس المستشفيات (الرعاية الثانوية) وهنا مع قلة عدد المستشفيات تصبح الرعاية الصحية أقل كفاءة وأكثر كلفة كما هو متعارف عليه فلا عجب أن النظام الصحي في بريطانيا يعتبر من أكثر الانظمة الصحية كفاءة من الناحية الاقتصادية حيث لا يستهلك أكثر من 7.3% من مجمل الناتج المحلي البريطاني.
وقبل أن أنهي أود الاشارة الى أن وزارة الصحة قد أهملت أطباء المستوصفات من غير الكويتيين فرواتبهم لا تعادل ربع ما يحصل عليه زميلهم الكويتي في نفس الوظيفة اضافة لقلة التدريب والتعليم بعد التعيين في الوظيفة.. لذا لن أستغرب اذا سمعت أن طبيبا أجنبيا من أحد المستوصفات يقوم بالبحث عن عمل في مجال آخر بعد الدوام حتى يقوم بتوفير لقمة عيش لابنائه، بالمناسبة بعض الاطباء الاجانب يحصلون على راتب لا يتجاوز 700 ـ 800 دينار شهريا في دولة مثل الكويت، في المقابل يحصل دكتور المستوصف (بريطاني أو أجنبي) على راتب يفوق في كثير من الاحيان ما يحصل عليه استشاري أمراض القلب والجراحة لان طب العائلة (المستوصفات) يعتبر ذا أهمية بالغة في النظام الصحي والاطباء المتخصصون في هذا المجال يعتبرون في حكم الاستشاريين.
رغم كل هذه السلبيات فالعمل كان ولايزال على قدم وساق لتطوير النظام الصحي من قبل الوزير المجتهد د.هلال الساير.
أضف تعليق