أقلامهم

حسن جوهر ينتقد توقيت ومضمون قرارات مكتب رئيس الوزراء بشأن مرضى العلاج بالخارج

مرضى الرئيس!
د. حسن عبدالله جوهر
لم يكن قرار إيفاد مجموعة من المواطنين للعلاج بالخارج بواسطة مكتب سمو رئيس مجلس الوزراء موفقاً على الإطلاق؛ سواء في توقيته أو في مضمونه، وعلى الرغم من البعد الإنساني الكبير لهذا الموضوع، فقد تحول هذا الملف إلى أجندة سياسية أخرى لتتضيف إلى حالة الفوضى العارمة في البلد قشة أخرى.
وبغض النظر عن الدوافع والنوايا الطيبة التي تحيط بقضية الأمراض الفتاكة، وبصيص الأمل الذي تترقبه كل عائلة كويتية منكوبة بمرض عضال لأحد أفرادها في الحصول على فرصة للعلاج في أحد المراكز الطبية الأجنبية، فإن كرامة الناس وأسرارهم وخصوصياتهم أصبحت مع الأسف الشديد مادة سياسية تتداولها الألسن، وتقحم في أتون الصراعات اليومية، وفي فصول المسرحيات الهزلية التي لا يبدو أنها ستتوقف.
والتوقيت الأخير لحملة العلاج بالخارج على نفقة رئيس الحكومة وبالتزامن مع سلسلة الاستجوابات الموجهة إلى سموه مباشرة، وعبر بوابة بعض أعضاء مجلس الأمة هو الذي فتح مجال الربط بين تحديد الموافقات وعدد الحالات الموفدة للعلاج تبعاً لمواقف النواب السياسية في البرلمان، وبالمقابل ترويج فكرة الانتقام من النواب الذين لا يمكن ترويضهم سياسياً عبر قطع العلاج عن مرضاهم ومن ثم إرسالهم للخارج فور تغير تصويت أي نائب ضد الحكومة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ بدأت المعلومات، التي نتمنى ألا تكون صحيحة، تتسرب بشأن إنهاء مدة علاج معظم الحالات التي تم إيفادها للخارج، وأغلبتيهم عن طريق النواب الذين صوتوا مع عدم منح الثقة لرئيس الوزراء في الاستجواب الأخير وطلب عودتهم.
أما عن مضمون وآلية هذا القرار فقد زاد الطين بلة، حيث صدر تصريح من مكتب سمو الرئيس يجب التوقف عنده، وهو أن الموافقة على إيفاد المرضى للعلاج بالخارج تخضع لتقارير طبية تفيد بعدم توافر العلاج لأمراضهم محلياً، والغريب هنا أن وزارة الصحة هي الجهة الملزمة بإيفاد أي مريض تقر اللجان الطبية بعدم توافر علاجه بالكويت، فلماذا لم تقم الوزارة بدورها ولماذا لم يتم محاسبتها من قبل مجلس الوزراء بسبب هذا التقاعس؟
وما يثير الاستغراب أيضاً هو كيف يمكن لمثل هذه الأمراض المستعصية والتي لم يتوافر لها العلاج في الكويت أن تشفى بهذه السرعة، ويطلب من المرضى العودة بناء على التقارير الطبية ذاتها؟
وهذا ما فتح باب التندر والتساؤل: هل تم إرسال هؤلاء المرضى فقط “ليقرون عليهم” ويرجعوا أم بالفعل وصل العلم الحديث إلى حد إبراء أمراض السرطان والقلب والتصلب العصبي خلال أيام قليلة؟ ومتى يكون موعد مراجعة هؤلاء المرضى لاستكمال العلاج هل مع بداية نوفمبر القادم حيث قد تتجدد مواعيد الاستجوابات؟!
ونصيحة صادقة نقدمها إلى سمو الرئيس ومستشاريه أن يتم الإعلان عن تلقي طلبات العلاج مباشرة من المرضى أو ذويهم بعيداً تماماً عن وساطة النواب لبحثها ومراجعتها وعرضها على اللجان الطبية واتخاذ القرار وإبلاغهم بها مباشرة، ففي ذلك الثواب الحقيقي وحفظ كراماتهم وماء وجوههم، وحتى لا يتم استغلال سمعة الناس وإقحامها في أتون السياسة سلباً كان ذلك أم إيجاباً، فالمريض وعائلته والظروف العصيبة التي يمرون بها كافية بأن “يزهقوا” الدنيا بما فيها ولا ينقصهم كلام الناس فوق معاناتهم، مع دعائنا لجميع المرضى بالشفاء والعافية!