أقلامهم

أحمد الديين ينتقد بشدة خطة الحكومة لصرف الميليارات على خطة التنمية دون غطاء قانوني

خطة صرف المليارات!  
 
أحمد الديين
يأتي الخبر المنشور على صدر الصفحة الأولى من “عالم اليوم” في شأن تجاهل الحكومة ومجلس الأمة للمتطلّب القانوني الملزم بإقرار قانون خطة التنمية السنوية الثانية قبل إقرار قانون الميزانية العامة للدولة ليقدّم دليلا جديدا يؤكد عدم جدّيّة التعامل الحكومي والنيابي مع الخطة الإنمائية، التي كان الهدف من إقرارها إيهام المواطن الكويتي بأنّ هناك خطة وهناك تنمية، بينما هي مجرد غطاء لتبرير رصد عشرات مليارات الدنانير خلال السنوات الأربع بين 2010/2011 إلى 2013/2014 وتوجيهها نحو الحسابات المصرفية لحفنة من الشركات التي أرسيت أو ستُرسى عليها تعهدات تنفيذ المشروعات الكبرى المدرجة في الخطة!
فأي خطة إنمائية تستحق مثل هذه التسمية في ظل غياب الأرقام والإحصاءات الدقيقة التي يفترض أن تُبنى الخطة عليها، إذ من المعلوم أنّ التعداد العام للسكان الذي سبق أن جرى في العام 2005 لم يتم اعتماده لما احتواه من أخطاء ومغالطات؟!
وأي خطة إنمائية يمكن الحديث عن تنفيذها قبل أن يتم إنجاز المتطلبات القانونية والمؤسسية اللازمة لهذا التنفيذ؟… إذ أنّ هناك العشرات من القوانين والتشكيلات المؤسسية المطلوب إنجازها قبل تنفيذ الخطة الإنمائية، وهذا نقص يعترف به قانون الخطة نفسه الذي منح الحكومة ومجلس الأمة فترة سماح لمدة سنتين إلى حين إنجاز تلك المتطلبات غير المستكملة!
ويالها من خطة إنمائية “جادة” إذا كانت الحكومة بعد مضي أكثر من سنة ونصف السنة من سنواتها الأربع لما تحدد بعد الآلية التي ستتبعها في كيفية تمويل الشركات الكبرى التي ستتولى تأسيسها وفق قانون الخطة لتنفيذ بعض مشروعاتها، حيث لم يتضح ما إذا كان التمويل سيتم عبر البنوك، أم عبر صندوق حكومي، أو عبر أسلوب تمويلي ثالث مختلف..!
وأي خطة إنمائية يتم التباهي بإنجاز مشروعاتها وفق معيار ما تمّ رصده لها من مخصصات مالية وما جرى صرفه وإنفاقه من مبالغ معتمدة للعقود، وليس وفق معيار نسبة ما جرى إنجازه بالفعل وعلى الأرض من هذه المشروعات المعتمدة؟!
أما الأسوأ من ذلك كله، فهو غياب الإنسان الكويتي وتهميش دوره في تنفيذ هذه الخطة الإنمائية المزعومة التي تتولى تنفيذ مشروعاتها شركات مقاولات لا تلتزم بتوفير فرص عمل وتدريب للشباب الكويتي، إذ يتشكّل القوام الأكبر من أطقم مهندسي هذه الشركات وفنييها وعمالها من العمالة الوافدة، وبالتالي فإنّ الإنسان الكويتي مجرد مستهلك لا دور انتاجيا له في تنفيذ مشروعات خطة لا تهدف إلى تنميته! 
وفي هذا السياق المخادع والزائف وغير الجاد فمن الطبيعي، خصوصا في السنة الثانية من سنوات الخطة، أن يتم تجاهل ما اشترطه قانونها من ربط بين إقرار قانون الميزانية العامة للدولة وإقرار قانون خطة التنمية السنوية، الذي جرى التزامه شكليا في السنة الأولى من سنوات الخطة عندما كانت الأنظار موجّهة نحو كيفية تنفيذها، إذ كان لابد حينذاك من ذر الرماد في العيون بتنفيذ ما نصّت عليه المادة السادسة من قانون الخطة الإنمائية، فجرى إصدار قانون خاص بالخطة السنوية الأولى للتنمية قبل إقرار قانون الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الفائتة… أما الآن وبعد أن أصبحت الطريق سالكة أمام إنفاق عشرات مليارات الدنانير فلم يعد هناك ما يبرر تكرار تنفيذ تمثيلية التزام شروط قانون الخطة الإنمائية، فالأولوية لسلق الموافقة الشكلية لمجلس الأمة على قانون الميزانية العامة للدولة، أما مشروع قانون خطة التنمية السنوية الثانية المفترض أن يتم إقراره قبل الأول من أبريل الماضي سابقا على إقرار الميزانية فلا بأس من أن يبقى مدرجا على جدول أعمال مجلس الأمة ينتظر إقراره في دور الانعقاد المقبل بعد مضي أكثر من سبعة أشهر على موعد بدء تنفيذه وذلك بعد أن تطير الشركات الكبرى بأرزاقها المليارية المخصصة لها من دون قانون ولا مَنْ يحزنون!