أقلامهم

عبداللطيف العميري يرى أن النفي المتكرر لوجود صفقة بين “الوطني” والحكومة لا يغير قناعات الناس

صفقة.. مو صفقة


عبداللطيف العميري


يسيطر موضوع الصفقة او الاتفاق الذي يعتقد انه تم فيما بين الحكومة وكتلة العمل الوطني على حديث الشارع هذه الأيام، وقد تناولنا طرفا من هذا الموضوع في مقال سابق ولكن الكلام في السابق عبارة عن توقعات وتحليلات، أما الآن فالحديث عن شواهد وأدلة وهو ما يعطي القضية أهمية وحساسية في الوقت نفسه، على اعتبار ان الحكومة أصبحت تستخدم الحقائب الوزارية والمناصب القيادية في الدولة كورقة مساومة لكسب ولاءات الكتل النيابية لتأمين أغلبية مريحة لرئيس الوزراء فقط في مواجهة الاستجوابات الحتمية والمستحقة مع بداية دور الانعقاد القادم.
إن نفي بعض اعضاء الكتلة لوجود هذه الصفقة، وقد يكون صادقا، لن يغير من قناعات الناس شيئا لأن ما حدث لا يصدق العقل والمنطق ان يكون مصادفة، فتعيين وزير للتنمية مقرب من الكتلة ورئيس هيئة الشباب أيضا مقرب من الكتلة بل ومدعوم منها، كذلك مدير عام بنك التسليف وهو يتولى منصبا حساسا في تيار يعتبر من أهم مكونات كتلة العمل الوطني ولا ننسى الهبة الكبيرة التي منحت للكتلة بإقصاء الوزير أحمد الفهد من منصبه وقبلها تعيين مدير الجامعة القريب ايضا من الكتلة وهو خارج الخمسة المرشحين لهذا المنصب، والله أعلم بما هو خافٍ.


إن ارتباط العامل الزمني مع هذه التعيينات وكذلك اتخاذ موقف سياسي من الاستجواب يخدم رئيس الوزراء كالامتناع مثلا عن التصويت، كل هذه شواهد واعتبارات تجعل من الصعب الاقتناع بأنه لا يوجد اي اتفاق او صفقة بين الطرفين اذ لا يعقل ان تكون الصدف بهذه الدقة والاتقان.


ان على الكتلة ان تكون شفافة في ايضاح هذه القضية للرأي العام لأن هناك ردة فعل عنيفة سيواجهونها وستكون غير متوقعة في القادم من الأيام وأنا لا أستبعد ان يكون هناك أحد من أعضاء الكتلة هو الذي قد يبرم مثل هذه الصفقات، كما لا أستبعد ان تكون هناك أقطاب برلمانية قد تكون وسيطة بين الطرفين او هي المهندسة لمثل هذه الاتفاقات على اعتبار ان هذا الأحد يتعهد للحكومة بإقناع زملائه باتخاذ مواقف ايجابية من رئيس الوزراء مستقبلا، ان كل الاحتمالات واردة خاصة في ظل الصمت الغريب من غالبية اعضاء الكتلة عما أثير حولهم، بل والأغرب من ذلك ان يصدر تصريح من أحد اعضاء الكتلة يتهم كل من انتقد موقف الكتلة بأنه من سراق المال العام او تابع لهم بدلا من الرد والتوضيح والبيان ومقارعة الحجة بالحجة واقناع الناس بسلامة الموقف، توزع التهم جزافا وهو ما لا نرضاه كوني احد منتقدي مواقف الكتلة دون التطرق لشخوصهم، وأنا أرجو من العضو المحترم عدم التعميم والطعن في الناس بهذه الصورة التي لا أملك الا ان أرد عليه بالآية الكريمة في سورة يوسف بقوله تعالى (قالوا تا الله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين)، كما لا يفوتني ان أذكر السياسي المخضرم د.أحمد الخطيب الذي صرح قبل أسابيع قليلة واتهم التيارات الإسلامية بأنها متحالفة مع الحكومة مقابل مناصب حكومية تمنح لهم، وأسأله: ما قولك يا دكتور في التعيينات هذه الأيام لشخصيات ليبرالية مشهورة؟ هل بإمكانك نقد الذات وانكم تعيبون على الاسلاميين ما أنتم واقعون ومنغمسون فيه؟


شخصيا أتمنى ألا تكون هناك صفقة وأن تعود كتلة العمل الوطني الى مواقفها السابقة المبدئية وألا تكون ستارا او غطاء للفساد الحكومي وألا يكونوا أداة لضرب الأدوات الدستورية وقلعة تحتمي بها الحكومة، مواقف الكتلة القادمة هي التي ستكشف بما لا يدعو للشك إن كانت هناك صفقة من عدمها، وان غدا لناظره لقريب.