العمل الوطني والهروب إلى الأمام
محمد مساعد الدوسري
تتبع التيارات السياسية تكتيكات واستراتيجيات لتحقيق مآربها، وهذا هو شأن العمل السياسي، وقد تشمل هذه السياسات تكتيك الهروب إلى الأمام، في حالة وقوع التيار في مأزق يصعب الخروج منه، أو في حال التضييق عليها من الأطراف الأخرى المتصارعة معها على الساحة، ومن ذلك نستطيع القول إن كتلة العمل الوطني ومن خلفها التيارات المكونة لها تقوم بعملية هروب إلى الأمام هذه الأيام، بعد أن تعرت الكتلة أمام الجميع، وخاصة أمام قواعدها.
إن ما تقوم به كتلة العمل الوطني ومكوناتها الأساسية “التحالف الوطني والمنبر الديمقراطي”، من إثارة فرقعات إعلامية بإعادة إحياء قضايا كانت في يوم من الأيام تشغل الشارع وتوحد القواعد المنتمية لهذا التيار، هو عملية كبيرة للهروب إلى الأمام، بعد أن لمس قادة التيار تذمر قواعده من سياسة الصفقات الأخيرة مع الحكومة، وابتعاد رموز التيار عن ساحة المواجهة مع مؤسسات الفساد التي طالما تغنى هذا التيار بمحاربته.
الصراع الحقيقي في الفترة الأخيرة، هو صراع قائم بين الإصلاح والفساد، وإثارة قضايا مثل “قانون منع الاختلاط”، هو هروب من الواقع المرير التي تعيش فيه الكويت، فهل يستطيع أحد من المنتمين لتيار التحالف الوطني أو المنبر إقناعنا بقدرتهم على حل المشاكل المستعصية وانتشال البلاد من الفساد من خلال تعطيل عمل قانون منع الاختلاط، وهل من المعقول أن تنحصر مشاكل الخلق بهذا القانون الذي يتحمس له البعض ويروج له البعض الآخر لتشتيت الأنظار.
أين هذا التيار من القضايا الكبرى في سرقات المال العام؟ بل أين هو من قضية الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد بعد أن أصابها الشلل جراء استمرار هذه الحكومة الحالية بسياساتها الفاشلة؟ وأين هذا التيار من الإعلام الفاسد الذي ضرب مكونات المجتمع وأساء لفئات عريضة من الشعب؟ وأين هو من أساطين الفساد الذين قاموا بإطعام الكويتيين اللحوم والأغذية الفاسدة؟ وأين هو من السرقة المنظمة لمقدرات الشعب ومن ضمنها ما تقوم به شركات الانترنت من سرقة أموال المواطنين الخاصة؟ وأين وأين وأين؟.
محاولة هذا التيار تشتيت الأنظار وإبعادها عن الحقيقة الواضحة لا تنطلي على أحد، وإن كان في الأمر وطنية كما يدعيه هذا التيار، فكيف تستقيم الوطنية مع طلب رموزه إصدار قانون ضرورة، بعيدا عن مجلس الأمة بيت الشعب، هذا المجلس الذي طالبنا رموز التيار الوطني في الأمس أن يكون هو مختصا فقط بمناقشة قضايا الأمة، لينقلب على عقبيه سريعا ويطلب من الحكومة إصدار مرسوم ضرورة، لاحظوا مرسوم ضرورة لتعطيل قانون لم يطبق حتى الآن بشكل سليم.
هذه المحاولات المخجلة لا يمكن أن ترتبط بمصطلح الوطنية، فالوطنية انتماء وروح وعمل، ولا يمكن أن تكون الوطنية بإهمال قضايا الوطن الحقيقية، والتكسب من الألاعيب السياسية داخل البرلمان، بعقد الصفقات المشبوهة مع الحكومة، وإثارة الغبار في وجه الجميع بافتعال معارك وهمية مع التيار الإسلامي، فالصراع الحقيقي المعروف من قبل الجميع هو الصراع بين الفساد والإصلاح، والسجال المعلن هو سجال بين قوى الشعب ومؤسسات الفساد المسيطرة على مناحي الحياة السياسية والاقتصادية في الوطن.
إلى شباب وقواعد كتلة العمل الوطني ومن ينخرط تحت لوائها من منبر ديمقراطي وتحالف وطني، لكم نقول “حاسبوا نوابكم ورموزكم، وطالبوهم أن يحترموكم كقواعد ويحترموا عقولكم قبل أن يطلبوا الاحترام من التيارات السياسية الأخرى ومن الشعب، وطالبوهم بإيقاف معاركهم الوهمية مع التيار الإسلامي التي يحاولون إحياءها هذه الأيام، والتوجه بدلا من ذلك إلى محاربة أصل المشكلة المتمثلة بالحكومة التي تتلاعب بالتيارات السياسية لضمان بقائها، بعد أن أحست بدنو أجلها واقتراب رحيلها، وإلا فإنكم مغيبون من الحقيقة، ويتم استغلالكم من قبل نواب الكتلة ورموز تياركم، الذي حصر الوطنية في قضايا هامشية في سبيل إعادة حماسكم الذي افتقدتموه بعد الصفقات الأخيرة مع الحكومة”.
للنرويج بواكي، ولكن لا بواكي للسوريين
مخجل هذا الكم الهائل من برقيات التعزية والتضامن مع الشعب النرويجي وقيادته السياسية على خلفية التفجير الحاصل لديهم، وبلا شك هذا أمر مدان ومستهجن، إلا أن هذه البرقيات التي جاءت من كل الدول العربية ومنظماتها كانت للنرويج فقط، بينما وصل القتلى في سوريا إلى 2000 حتى الآن بخلاف المصابين والمعتقلين، ولا نجد سوى الصمت، فهل الإنسانية حكر على الدول الغربية، أم أن العرب أعجز من الوقوف في وجه أنظمة القمع والاستبداد في محيطها؟.
أضف تعليق