كتاب سبر

رمضان كرامة

في الوقت الذي تنشغل فيه بعض القنوات الفضائية ومفتوها العظام بالإجابة عن سؤال العصر, ولغز الألغاز في القرن الواحد والعشرين ” ما حكم استعمال معجون الأسنان في نهار رمضان “, نجد أن الأحرار العرب في الأقطار الثائرة منشغلون بتسطير أروع الملاحم في النضال والتضحية والفداء.


إنها الحرية ـ يا سادتي ـ التي لم نجد أخبارها قبل هبوب رياح جنتها مع الربيع العربي, تذاع في قنوات النفط الخليجي.


ولم نكن نبحث عنها في الفتاوى الرسمية!, التي تتدخل في خصوصيات البسطاء وتشاركهم جميع شؤون حياتهم البسيطة, حتى إذا ما سألنا عنها في الشؤون العظمى للأمة ومستقبلها وثرواتها وأمنها, وجدنا هذه الفتاوى تقف على أبواب السلاطين ككلاب الحراسة! تعدو لاهثةً خلف كل إنسان حر ينشد إنسانيته أو يريد حريته, وتنبح على كل شخص يطالب بكرامته, ويسعى للحصول عليها!


رمضان في المخيال العربي, شهرٌ عبقت جدران أيامه بالبطولات والانتصارات التي ازدهت بها صفحات التاريخ, وبقيت شامخةً شموخَ أمةٍ تضرب أصولها في أعماق التاريخ……غفت قليلاً!, وهي اليوم على موعدٍ مع القدر البسّام حيث اليقظة على واقعٍ صممت على تغييره والاستعداد لنهضةٍ تواكب المستقبل وما حصل فيه من تطور وتقدم ورقي هي أهلٌ لمواكبته!


المفجر العظيم للثورة العربية محمد البوعزيزي لو استفتى ـ لا سمح الله ـ أحد أولئك الشيوخ المدجنين! قبل أن يقوم بإضرام نار الغضب على جسد الاستبداد, لما كنا اليوم نعيش هذا الحلم…..




هذا الحلم الذي أشرق فجره الصادق من حواري سيدي بو زيد, ثم صلى الظهر والعصر جمع تقديم قبيل رحلة سفره الميمونة المظفرة من ميدان التحرير الذي لم يطل مقامه فيه إلى شوارع بنغازي المفعمة  برائحة البارود الزكية, لينطلق بعدها ويصلي أول ركعتين من صلاة المغرب في البحرين بخشوع واطمئنان, وبترقب وتأييد من أنصار الحرية في كل مكان ومن كل دين ومذهب قبل أن يقع في الركعة الثالثة في الطائفية وهي ناقض من نواقض الحرية, ليذهب بعدها إلى اليمن السعيد ويعيد صلاته في مسجد الاتفاق حيث المؤذن زيدي والإمام شافعي وما أحلاها من صلاة, حتى إذا ما حلت العتمة وأقبل العشاء الآخر نادى منادي الحرية في بلاد الشام و على مقربةٍ من مهوى قلوب البشرية ومنتهى آمال أتباع الأديان السماوية بيت المقدس الشريف , بصوته الجهوري أيها الأحرار “استووا” على غايةٍ واحدة وهي إسقاط الطاغية, “واعتدلوا” على سنن الحرية ومنهاج الكرامة, “استووا ولا تختلفوا” بسبب شعارات الطائفية التي كانت ولازالت تحاول تمزيق الأمة وتشتيت شملها, “صلوا صلاة مودع” فسبيل الحرية محفوفٌ بالمكاره والدماء, لا كسبيل شيوخ القنوات الفضائية “المعلبين” وعلماء البلاط الملكي, ذلك السبيل المحفوف بالزوجات الأربع والقصور الفخمة والأرصدة المتورمة ككروشهم من أموال الأمة التي ينتزعها سادتهم من أفواه البسطاء ليهبوها لهم!


قبل المسك الختامي:


في رمضان اعتاد الناس أن يتبادلوا التهاني بينهم بـ”رمضان كريم” أما بعد الربيع العربي الثائر وجرياً على عادته الجديدة وهي تغيير كل جامد يستحق التغيير فأهنئكم بهذا الشهر الفضيل  و”رمضان كرامة”




@alajmi_saad



الوسوم