أقلامهم

صلاح الساير يروي تجاربه مع الزراعة والحصد ويكتب عن ميداس الملك

كن “ميداس”


صلاح الساير


زرعت كثيرا، حرثت وبذرت وسقيت وحصدت الكثير من السنابل وقطفت العديد من الثمار مثلما جنيت الورد حتى جرح الشوك العضوض يدي وأدماها، ولم أجد في حصادي ولا قطافي وما جنته يدي من كل هذه الزروع خيرا من الرضا، فالقمح يؤكل وتفرغ صوامعه، ومثله الثمار، أما الورد فيذبل في المزهريات، لتبقى رائحة الرضا تضوع في النفس.
الرضا والقناعة لا يعنيان الانكسار أو الاحجام أو التوقف، ورب شخص طامح قانع في آن واحد، فالطموح مبادرة وسعي دؤوب لا يكل ولا يمل باتجاه تطوير الذات ودفعها الى مضامير البذل والعطاء، والقناعة هي القبول بتقلبات الحياة ونتائجها، وعدم القنوط والاتكاء على وسادة الخدر، فالطامح القانع يفلح الأرض ويزرعها ليرضى بما تجود به الأرض من حصيد في مواسم الحصاد.


يمكن تشبيه الرضا بأسطورة «ميداس الملك» الذي يحول بلمسته الأشياء الى ذهب ولكن بصورة ايجابية تختلف عن الصورة السلبية أو اللعنة التي رسمتها المثيولوجيا الاغريقية، فالرضا قناعة تحول البساطة من حولك الى فخامة ليس كمثلها في القصور، يتسع الضيق وتزهر الجدران وتعشوشب الارض تحت قدميك، الرضا ينقش الجمال في عيونك فلا ترى سوى الجمال الجميل.