أقلامهم

عبدالرحمن العوضي عن البطل المخلص مبارك: إرحموا عزيز قوم ذل

ارحموا عزيز قول ذل!
عبدالرحمن العوضي


كما يأمرنا الإسلام وكما كان العرب دائما يعاملون عزيز قومهم بكل احترام ووقار، ولكن الثورة الهوجاء التي سيطرت في مصر هذه الأيام والتذبذب الكبير الذي يحدث يوميا وتغيير الوزراء بين لحظة وأخرى والتهديد والمطالبة برؤوس النظام السابق وكأنها تستهدف التشفي من جميع من كانوا في السلطة قبل هذه الثورة. ونسي هؤلاء الشباب أن الثورة دائما كما يقولون كالقطة تأكل أطفالها، وأنا لا أستبعد أن الشعب الطيب الذين سعوا وراء أحلامهم وطالبوا بالتغيير سيكونون الضحية من قبل مستغلي الثورة كالجماعات والتنظيمات والأحزاب المنظمة وما يسمون بالبلطجية. وفي فترة لا تتجاوز السنة أو السنتين سيظهر إلى السطح هؤلاء المستغلون وسينتهي دور ما يسمى بالشباب الطيب لأن هذه هي سنّة الحياة.


ولا ننسى أن ثورة 23 يوليو التي قام بها الشباب من الجيش وكانت أعمارهم لا تتجاوز في ذلك الوقت 35 سنة باستثناء رئيسهم، ولكن مع الزمن ساءت الأمور وأخذ الفساد يدب في أركان النظام واستحلى كل مسؤول البقاء على كرسيه، واستغل أغلبهم مناصبهم حتى وصل الأمر بنا إلى وضع سيئ، ولكن عندما بدأت محاسبتهم ألقوا بالمسؤولية على فرعون مصر.


فمن يسمونه فرعون مصر (السيد الرئيس حسني مبارك) هو في نظرنا نحن الخليجيين وخاصة نحن في الكويت بالذات هو إنسان بطل مخلص قام بدور كبير في تحرير بلدنا من غزو رئيس ظالم مجرم اسمه صدام حسين، وحتى هذا الظالم المجرم عامله شعبه بكل احترام رغم تلطيخ يديه بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء من العراقيين وممن اعتدى عليهم من جيرانه ولم يكن ذلك غريبا عليه فالمعروف عن العراقيين انهم أقسى الشعوب العربية قلوبا وأكثرهم عنفا وتاريخهم بطبيعة الحال يشهد على ذلك. ومع ذلك حتى عند إعدام رئيسهم قاموا بوضع حبل المشنقة على عنقه بلطف وبوضع قطعة قماش حتى لا يقطع الحبل عنقه، وحتى أثناء محاكمته كان يُعامل بكل احترام وحرية وفي مكان آمن بكامل هيبته دون ما نراه من غوغاء ومهازل من محاكمة السيد الرئيس حسني مبارك.


أنا أعرفه شخصيا وقد يكون كلامي محابيا له بعض الشيء ولكن أعلم أنه رجل شجاع وبطل ومحب لمصر لأنه رفض أن يخرج من مصر رغم العروض السخيّة التي أُعطيت له لأنه لازال وسيظل بطلا مهما شاب هذا الزمن من أخطاء، لأن الناس جميعا خطاؤون ولا يجوز أن نبالغ في هذه الإساءة كما نراها على الساحة، وبهذا فإن أسلوب التشفي الحاقد من رجل قام بواجبه نحو شعبه رغم بعض الأخطاء التي وقع فيها، وبسبب غيره من المحيطين به أمر استكثره على الشعب المصري الطيب المسامح، لأن الإنسان بطبيعته خطاء ويُستغل ممن يحيط به إذا كان في مركز عال في وطنه. والخطأ الحقيقي يقع على الشعب المصري الطيب الذي لم يحاسب مسؤوليه عند بداية الشعور بالإحساس بالخطأ أي قبل أكثر من عشرين عاما، ولكن الظاهر أن الشعب المصري الطيب يجب أن يكون له كبير، وهؤلاء الكبار كانوا فراعنة على مر العصور وكانوا يتعايشون معهم دون أي إشارة رفض.على كل وأنا أكتب هذه المقالة أستذكر اللحظات العصيبة التي عشتها أثناء العدوان العراقي الصدامي على بلدي عندما كنت في مصر أقابل هذا الإنسان يوميا. وكان هذا الرجل يهدئ من روعي ويطمئنني، وعندما كنت أسأله عن أكثر همّ يشغله كان رده همّ الشعب المصري، وكان يقول لي «يا عبدالرحمن أنا همّي اليومي أن أوفر سبعين مليون رغيف خبز لشعبي»، نعم هكذا كان هذا البطل العظيم كان همّه كل فرد مصري في قلبه رغم وقوعه في أخطاء كما يقع الكثيرون، ولكن لا يجوز أن نعامله مثل هذه المعاملة المشينة في مصر الحضارة المحبة المتسامحة دائما. ويكفيه شجاعة هذا البطل أنه أصر على البقاء في مصر وأصر كذلك على حضور المحاكمة رغم مرضه وكان بإمكانه أن ينتدب محاميا عنه، ولكن في داخل نفسه مؤمن بأنه لم يقصد الإساءة لشعبه حتى لو حصلت الإساءة من أقرب الناس إليه لهذا الشعب العظيم.كل ما أود أن أكرر على هذا الشعب الطيب، ارحموا عزيز قوم ذل، ولا تجعلوا مجالا للتشفي والانتقام والكراهية والحقد، وكان الله في عون الشعب المصري، ووفقه وحماه من كل تآمر عليه الذين هم في زيادة هذه الأيام.