سبر

القبس والخيارات الصعبة

قد يختلف كثيرون مع صحيفة القبس في التوجه والرأي، لكن الأكثرية، إن لم يكن الجميع، يتفقون على مصداقيتها، فالقبس مؤسسه صحفية مشهود لها بالموضوعية إذا ما تعلق الأمر بصحة الخبر من عدمه. خبطات صحفيه كثيرة أكدت على أن القبس لا تكتب خبرا إلا والدليل والإثباتات في درج رئيس تحريرها، وخبر شبكه التجسس الإيرانية دليل واضح وجلي على ذلك.

المعلومات المتواترة من أروقة الصحيفة حول قضية الـ 25 مليون دينار في الحسابات البنكية لنائبين في مجلس الأمة تقول إن العائلات المالكة لها منقسمة حيال كيفية التعامل مع تداعيات الفضيحة، فاثنان من الملاك، أحدهما سياسي حالي والأخر اقتصادي في مجال المصارف، يريدون طمطمة الموضوع وإيجاد مخرج له مع الحكومة والنواب المتورطين وفق قاعدة ” لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم ” فيما ثلاثة من الملاك مُصرون على الذهاب بعيدا في قضية الملايين لأن القضية مرتبطة بسمعة مؤسسه صحفيه قد تهتز وتهتري إذا انحنت للضغوطات التي تمارس عليها ومن ثم سيكون ذلك بمثابة المسمار الأخير في نعش الصحيفة كمؤسسه إعلاميه، كما أنه قد يفتح الباب عليها من مزلاج ” التعويض “، فهناك نواب من المعارضة يرقبون عن كثب كيفية تعامل القبس مع القضية في الأيام القادمة ومتى ما شعروا بأنها قد تتراجع فسيقومون بمقاضاة الصحيفة لإجبارها على كشف أدلتها لدى القضاء باعتبار أن ما نشرته قد أساء لسمعتهم وسمعة المؤسسة التشريعية.

وتنقل أوساط إعلاميه وسياسيه قريبة من القبس أن رئيس تحريرها متمسك بالذهاب إلى أبعد مدى في كشف تفاصيل الفضيحة، وانه لم يخضع لضغوط مورست عليه من قبل أطراف حكوميه متنفذة اتصلت به أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين، وهو موقف مشابه أيضا لما يتعرض له محافظ البنك المركزي من قبل تلك الأطراف، إذ نقلت تلك الأوساط ما مفاده أن المحافظ رفض طلبا حكوميا بنفي وجود أي حركه ماليه مشبوهة في أي من البنوك وقال للأطراف الحكومية ” أنا مستعد أن أنفي عدم ورود بلاغ من النيابة للكشف عن تلك الحسابات لكنني لا أستطيع نفي أي تجاوزات حدثت في البنوك لأنه قد بلغني أن القبس هددت بنشر وثائق لديها إذا ما نفى البنك المركزي فأصبح أنا كذاب وهذا أمر غير مقبول ولن أقدم عليه “.

ويرى مراقبون أن تفجير الصحيفة لما بات يعرف بـ ” قبس غيت ” وضعها في ما يشبه معركة كسر عظم سيجعلها تذهب إلى أبعد مدى في هذه القضية خصوصا أن تبعات المعركة قد ينتج عنها تغيرات كبيرة في الخارطة السياسية كحل المجلس أو لربما فقدان رئيس الوزراء لمنصبه، وهي مغانم ” مهنية ” قد تجنيها القبس إذا ما أخذت الأمور من منظور صحفي بحت.

وتشير بعض المعلومات إلى أن ثمة تطورات قريبة على صعيد الـ25 مليوناً قد تعطي القبس دعما معنويا حيال الضغوط التي تتعرض لها، من ضمنها أن هناك وثائق وأدلة لدى بعض الصحف ستقوم بنشرها خلال الفترة المقبلة تتضمن تفاصيل أكثر لما أثارته القبس مثل دخول مبالغ مالية ضخمة في بنك كبير لحساب نائب في الدائرة الأولى، ومبالغ مشابه أودعت في بنك إسلامي لنائب من الدائرة الخامسة، وكذلك إيداعات مشبوهة في حساب نائب من الدائرة الرابعة دخلت في حسابه عبر فرع لبنك مديرته سيدة، كما أن هناك أحاديث بدأت تتسرب عن علاقة رئيس دولة عربية ببعض المبالغ التي حولت إلى بنوك كويتية عن طريق بعض السياسيين في الكويت.

على كل ستكون الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت إن كان لجهة تفجير الفضيحة بشكل رسمي أو لجهة طمطمتها بشكل رسمي أيضا، وحتى تتضح الصورة ستبقى جريدة القبس أمام خيارين، إما أن تنتصر لمبادئها وسمعتها أو تنحني لمصالح ملاكها.