أقلامهم

صالح الشايجي: يجب أن يكون النبي موجوداً بيننا حتى يتم تطبيق أحكام الشريعة.. وإلا فإنها ستكون عرضة للانحراف والشبهات!

روادع تطبيق الشريعة


صالح الشايجي


لاشك عندي في أن الحماس وحده هو الذي يهيمن ويستبد ببعض المنادين بتطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف دول العالم الإسلامي ممن يرفعون الصوت عاليا، واللافتات ينهضون بها ويمدونها فوق العيون ليثبتوا صدق مطلبهم.
في غمرة حماسهم الديني ذاك ينسون المقوّم الأساس لإقامة الشريعة وتطبيقاتها بصورة مثلى ومثلما أراد منها مشرعها، وذلك المقوّم هو وجود صاحب الرسالة والآتي بالشريعة والراعي الأكمل لتطبيقها والذي من دونه تكون الشريعة معلولة، ويكون تطبيقها مشوبا بالنقصان والقصور وذلك لارتباط الشريعة بالألوهية.


ووجود الصلة بين الرب ـ مقرر الشريعة ومبدعها ـ وبين النبي المتلقي لها والمعني بتطبيقها هو الذي يفرض ضرورة وجود هذا النبي لإحكام تطبيقها ولضرورة العدالة في التطبيق حتى لا تجنح الشريعة إلى حيث الاعتوار أو الشك، وللنأي بها عن الشبهات ولتجنيبها مظنة الزلل.


هذه كلها تمثل روادع أمام المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في عصور ما بعد النبوة أو عصور من أدركها من صحابة النبي ومن كانوا على اتصال مباشر وآني بالتنزيل الذي تضمن بعض القواعد الشرعية.


لذلك فإن الحماس الديني الطاغي عند المطالبين بتطبيق الشريعة يجب أن يخفّ سريعا إما بالنصح والترشيد والتعقيل أو بالردع والزجر والتعزير، وذلك من أجل تجنيب الشريعة الشبهات، لأن الشريعة حكم باسم الله وتحت رايته وبالتالي فإن الخطأ في تطبيقها خطيئة وإثم، ولتجنب الخطيئة والإثم فلابد لمن يناط به تطبيق الشريعة أن يكون بمنزلة تجعله فوق الشبهات والظنون وتلك منزلة لا يبلغها إلا الأنبياء.


وقد يكون ما يقوي مثل هذه المخاوف هو أن أكثر المطالبين بتطبيق الشريعة هم إما من دهاة السياسة والمراوغين أو من الرعاع والعامة والدهماء وبسطاء الناس الذين يعتقدون أن من ضروريات التدين الأخذ بمبدأ تطبيق الشريعة دون فهم منهم لما تعنيه هذه الشريعة سوى أنها من المسلمات الدينية وغير القابلة للتهاون والتسامح بضرورة تطبيقها، ولعل خير دليل على ذلك هو أن هؤلاء الناس لا يطبقون الشريعة ولا التعاليم الدينية في حياتهم الخاصة، ولا يتعدى التزامهم الديني أداء الفرائض وربما غير كاملة أو بصورة ليست مثلى