أقلامهم

محمد مساعد الدوسري:التحذير من الجمهورية الإيرانية لم يجد آذانا صاغية في الكويت، فرموز اللوبي الإيراني تحقق المكاسب يوما بعد يوم وفي كل الساحات

اللوبي الإيراني في الكويت


محمد مساعد الدوسري


عندما امتنعنا عن محاسبة من تسبب في الغزو العراقي، فإننا بذلك تركنا الباب مواربا لأن يرتكبوا نفس الأخطاء مرة أخرى، هذه الجملة سمعتها من شيخ كبير، عصرته الدنيا حتى جعلته يسقي الناس حكمة، وباعتقادي أن ما قاله هذا الشيخ يفسر ما يجري الآن من تغلغل للوبي إيراني طالت يده حتى امتدت على دول الجوار انطلاقا من الكويت، ولنا فيما جرى في البحرين عبرة وكيف أن إدارة الشغب الذي حصل هناك كان ببعض الأيادي المحسوبة على الكويت، وبدعم سياسي وإعلامي ولوجستي ودولي.
قد يعتبر البعض أن الحديث عن غزو إيراني لنا جزء من المبالغة التي تأتي في سياق التحذير منها، إلا أن مفهوم الغزو بحد ذاته يجب أن يتم تعريفه لنكتشف ما إذا كنا أمام غزو جديد أم لا، فالغزو قد يكون على هيئة عمل عسكري كما جرى في العام 1990، إلا أنه قد يكون بطرق أخرى كالسيطرة على مفاصل الدولة واختطاف القرار والاستحواذ على المرافق الحيوية، واستخدام الدولة كقاعدة متقدمة لاختراق المنطقة أو دول الخليج الأخرى بشكل أكثر دقة، وكل ما سبق تحقق بشكل أو بآخر في العديد من المواقع التي نعرفها.
التحذير من الجمهورية الإيرانية لم يجد آذانا صاغية في الكويت، فرموز اللوبي الإيراني تحقق المكاسب يوما بعد يوم في كل الساحات، ويتم استقبالهم في دواوين أهل الكويت، وتشعبت علاقاتهم لتصل إلى جماعات إرهابية في الشمال والجنوب، لدرجة أن أحدهم كان يستمتع بوليمة على شرفه بينما كان الغوغاء من العراقيين المسيرين من حزبه يتظاهرون على حدودنا الشمالية، وهذا والله أمر محير في ظل سياسة ارتخاء لم يسبق لها مثيل ما عدا ما كان مشابها في فترة الأيام القليلة السابقة على الغزو العراقي.
ربما يضع البعض هذه السياسات المرتخية في سياق الاستكانة وعدم استفزاز القوى الإيرانية والعراقية المتحالفة والمتشاطئة معنا في البحر والمحاذية لنا في الحدود البرية، إلا أن ذلك لم يعط أي حماية للكويت عندما كنا نتعامل بمثل هذه السياسة في فترة ما قبل الغزو، ومن يلمس منك ضعفا فإنه سيستخدمه بكل تأكيد لزيادة نفوذه في الدولة، وهذا ما يجري على قدم وساق، لدرجة أن شخصيات سياسية واقتصادية وصحفا ومؤسسات إعلامية ومحامين أصبحوا يشكلون لوبيا إيرانيا بامتياز، يدافع عن مصالح الجمهورية في كل المنطقة وليس في الكويت فقط، ويذهب لتقديم شكوى على الشقيقة البحرين في المحاكم الدولية، ويدعم السياسات البعثية الدموية في سوريا.
إن كانت الحكومة لا تعرف اللوبي الإيراني في الكويت، فالعديد من الشخصيات الكويتية المحترمة تستطيع تزويدها بلسته أسماء لهذا اللوبي، وهو اللوبي الذي يعرفه كل كبير وصغير في البلاد، أما السكوت عن ما يقوم به هذا اللوبي الإيراني فهو الخطر بعينه، ولا يمكن تبرير السكوت تجاه أفعاله بأي مبرر، فلم يعهد لا في التاريخ القديم أو الحديث أن تحولت الكويت إلى قاعدة لأعداء الخليج دولا وشعوبا، ولم يذكر أن وصل المد الصفوي في بلادنا إلى هذه الدرجة كما هو الآن، والنار من مستصغر الشرر، فإذا كان هذا اللوبي يؤيد السياسة الإيرانية ضد دول الخليج العربية وضد الشعب السوري، فإنه بالتأكيد سيكون خنجرا في خاصرة الدولة متى ما تطورت الأمور إلى مواجهة خليجية – إيرانية في المنطقة تلوح في الأفق هذه الأيام.