أقلامهم

سلطان بن مفتوق: البعض ممن انتسبوا للدين والدين منهم براء قد جير الدين والافتاء لصالح الطغاة خوفا منهم او تقربا للحياة الدنيا

من هم وعاظ السلاطين ؟
سلطان بن مفتوق
 
خلال الثورات العربية التي اجتاحت الوطن العربي والتي قامت بفضل الشعوب الحرة للتخلص من جور الطغاة من حكامها، اصبحنا نسمع كثيرا كلمة وعاظ السلاطين في الشاردة والواردة ..وذلك بسبب خنوع بعض علماء الدين والمفتين التابعين لهؤلاء الطغاة والذين برروا كل عمل اجرامي يقوم به الطغاة ضد شعوبهم، بل ان البعض من انتسبوا للدين والدين منهم براء قد جير الدين والافتاء لصالح الطغاة خوفا منهم او تقربا للحياة الدنيا على حساب الاخرة .. فالخائفون من هؤلاء العلماء لن يشفع لهم خوفهم عند الله اولا ولا عند الشعوب ثانيا .. فالمفتي او العالم مادام تحمل وزر الامة من خلال قبوله بالإفتاء حسب شرع الله وسنة رسوله فلابد ان يواجه مصيره الذي اختاره بيده فإما الموت او الحياة بشرف وحفظ الأمانة الموروثة من الانبياء عليهم الصلاة والسلام.
لذلك نجد كلمة وعاظ السلاطين اصبحت تهمة ملتصقة على جبين الذين ذكرناهم من الوعاظ الذين خانوا الامانة واغفلوا نصوص الله في ردع الظلم والظالمين، ولكن للأسف هذه الكلمة اصبحت تستخدم بغير مفهومها واصبحت جريمة ترمى بتهكم على الكل من العلماء والمفتين ان كان هوى راميها لا يتوافق مع آراء العلماء والمفتين .. لذلك انا باعتقادي بأن اصل كلمة وعاظ السلاطين ليست تهمة بحد ذاتها .. ولا يجوز لنا ان نجعل منها تهمة أو جريمة أو شتيمة .. فوعاظ السلاطين بشكلها العام نبيلة المعنى والعمل، والدليل على ذلك العالم الجليل رجاء بن حيوة كان من الوعاظ الفصحاء وقد لازم الخليفة الاموي الزاهد عمر بن عبدالعزيز طوال مدة خلافته ولم يعيبه انه واعظ الخليفة عمر، ومن يبحث في كتب التاريخ سيجد وعاظ اجلاء لازموا بعض الخلفاء وكان لهم اثر واضح على الخلفاء .. ولا ننكر ايضا بأن هناك وعاظا كسفيان الثوري رحمه الله عندما طلب صحبته الخليفة العباسي المهدي بالله رفض سفيان طلبه كما رفض الهدايا التي اعطيت له من الخليفة لاستمالته.
لذلك احببت أن اوضح وجهة نظري في كلمة وعاظ السلاطين بشكل عام، وبأنها مسألة يجب ان لا تؤخذ بالعموم، فَكُلٌ موكول لطبيعته سواء العالم الواعظ او السلطان ..مع اني ما زلت اعتقد بأن السلطان او الملك او الامير او الرئيس لابد من واعظ عالم في الدين وفقيه بالأحكام يلازمه طوال حكمه فلعل وعسى ان يأتي بموعظة حسنة يكون الشعب في حاجة ماسة لها فيعمل بها السلطان فترى اثرها على الشعب، والشاهد على ذلك الفضيل بن عياض رحمه الله قال: (لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان) وهذا دليل بأن صلاح السلطان من صلاح الشعب.. والصلاح من الله بدون شك، ولكن الانسان دائما يحتاج للموعظة بين حين وحين فما بالك بالسلاطين الرعاة على الشعوب والمتصرفين بشؤونهم.