أقلامهم

منى العياف في جزء أول من مقال لها ترى أن الشق عود

الشوق عود (1)


منى العياف


منذ فترة وأنا أفكر في استئناف الكتابة عبر زاويتي «طوفة عروق»، لكن أصدقكم القول انني لست أشعر بارتياح حيال ما آلت إليه الأوضاع اجمالا في بلدنا، وأصارحكم أكثر وأقول انني أشعر بأن كل ما يكتب، لا يعدو كونه حفنة ملح في بحر متلاطم شديد الملوحة! لا أقصد هنا بحديثي ان أبث اليأس في النفوس والايحاء ـ من البداية ـ بأنه لا يوجد ضوء آخر النفق، ولكن هو شعور يدفعني إليه ما نراه وما نشهده على الساحة، وكان آخره القضية التي فجرتها مؤخرا إحدى الصحف الزميلة المعروفة برزانتها والمشهود لها بالموضوعية والنزاهة، والتي نذكر انها كانت تتصدى بحزم وجدية لما عرف بقضية «شيكات المسلم»، والتي تأكد من خلال تصديها لها ادراكها الشديد لخطورة مثل هذه الطروحات، وكان خوفها نابعا من ان تكون الصراعات السياسية قد عرفت طريقها الى نظامنا المصرفي بما يؤدي الى افساده، وتلويث سمعته، وبالتالي سمعة البلد. لكن الغريب ان تأتي هذه الصحيفة نفسها لتطرح في وقت سابق قضية جديدة يمكن ان تصيب هذا الجهاز المصرفي نفسه في الصميم، ومن أسف ان كثيرا من الصحف سارت وراءها وتناولت الموضوع، كل منها بطريقته ولسان حالها يعني انها وجدت ضالتها على طريقة «وجدتها وجدتها»! والسؤال الذي يلح على عقولنا باستمرار وبقوة هو: لماذا نشر هذا الخبر في هذا التوقيت الآن؟! فلا نحن مقبلون على انتخابات ولا حل مجلس الأمة، ولا توجد دعاية انتخابية ولا شيء، فما السبب الذي يجعل هذه الصحيفة تفجر قضية تضخم الحسابات المصرفية لأعضاء في مجلس الأمة، فتحت عنوان «الكويت في خطر» أشارت الصحيفة في افتتاحيتها في عددها الصادر بتاريخ 21/8/2011 الى فساد المؤتمنين على الرقابة والتشريع، وبعض القائمين على التنفيذ، إذن هي توجه الاتهام للسلطتين معا: التشريعية والتنفيذية؟! وهنا يثور السؤال الثاني: على أي أساس تم توجيه هذا الاتهام؟
حدث هذا في الوقت الذي أصدر فيه اتحاد المصارف بيانا نشرته جميع الصحف بتاريخ 22/8 حذر فيه من مغبة نشر هذا الكلام، وأشار الى حساسية الموضوع وانعكاساته السلبية والخطيرة جدا، خاصة اذا تم تداوله خارج الإطارين القانوني والموضوعي، وتأثيراته الفادحة على سمعة القطاع المصرفي وخاصة في المحافل الدولية، معربا عن أمله ـ أي اتحاد المصارف ـ في عدم الزج بالبنوك المحلية في أتون المساجلات السياسية حفاظا على سمعة الكويت!


يضاف الى هذا، الموقف الواضح والصريح للبنك المركزي الكويتي الذي أكد انه لم تصل اليه، ولم يتلق ـ حتى الآن ـ أي مخاطبات من النيابة العامة حول بلاغات تقدمت بها البنوك بشأن ما تم تداوله من معلومات خاصة بشبهات تراكم أموال في بعض الحسابات المصرفية!


كما ان هناك بنوكا عديدة منها «الوطني» و«الخليج» و«بيت التمويل» (السياسة 7/9/2011) قد نفت تماما ان تكون قد تقدمت بأي شكاوى عما سمي بـ «الايداعات المليونية».


إذن لا توجد قضية من الأساس، فكما سبق، يتضح لنا انه لا توجد بلاغات ولا توجد قضية معروضة أمام النيابة ولا شكاوى للبنوك ولا شكوك لدى البنك المركزي، فأين الاتهام بالضبط؟ وما حقيقته؟ ولماذا ساقت الصحيفة هذه الاتهامات للسلطتين؟!


والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة: إذا كانت الشكوك مثلا تحوم حول حسابات نائبين فلماذا الزج بالحكومة، وكيف تكون متورطة؟ وهكذا الأسئلة.. كيف ـ وهذه الحسابات سرية، ولا يحق لأحد كشفها إلا وفق طرق واجراءات محددة ـ حصلت الصحيفة على هذه المعلومات عن الأرصدة المصرفية وذلك خلافا لكل الأصول المتعارف عليها مصرفيا في العالم؟


كيف يحدث ذلك؟ وهل تكشف البنوك الكويتية ـ خلافا للعالم كله ـ أسرار العملاء؟!


المعروف ان البنوك إما تقبل الايداعات او ترفضها لكن ان تسرب أخبارها الى وسائل الإعلام فهذا أمر غير ممكن، ويهدد سرية الحسابات المصرفية.


فإذا صح الخبر، إذن فهناك بنك معين هو الذي قام بالتسريب عن عملائه وأحالهم إلى النيابة بعد ان تسلم هذه المبالغ! فلماذا في الأصل تسلمها؟! الأسئلة كثيرة والشق عود وغدا للحديث بقية!