أحاديث الوطن المتعب
د. غانم النجار
• «نواب مدمِّغين»
بعد انتشار فضيحة “نواب غيت” أثيرت العديد من الأسئلة حول درجة استهتار شلة الأنس من النواب المغتسلين بالأموال، ألم يكونوا أكثر ذكاءً فيخفوا أموالهم حتى حين؟ الإجابة عن السؤال ربما تشي بدرجة الاستهتار الطاغية في البلاد وعلى أذهان العباد، فهم ببساطة لم يتوقعوا أن يسائلهم أحد، هكذا.
نحن على أية حال بحاجة إلى إعادة النظر في فهمنا للهدر المادي في الدولة. التركيز هنا على النواب والتركيز هنا فقط على الكاش المقبوض، ولا يوجد أي تركيز على مَن هم في محيط النواب ولا على كبار موظفي الدولة كالوزراء ومَن هم أقل، كما لا يوجد تركيز إطلاقاً على طرق الإفساد والتوزيع الأخرى، وهي بالتأكيد أكبر من حيث القيمة كالأراضي والبيوت والجواخير والاصطبلات والمزارع. كذلك لا يوجد تركيز على المناقصات مع أن ترسية مناقصة واحدة تتجاوز بقيمتها أثمان ما أُعلِن عن فضيحة “نواب غيت”. أسرَّ إليَّ أحد الأصدقاء بأن أحد النواب بعد أن تسلم حصته من المال السياسي، وحمد الله كثيراً، فكر ملياً وتطلع إلى السماء فابتسم، وأدرك حينها أن البنوك تقليدية كانت أم اسلامية لا تصلح لكي تكون مستقراً لذلك المال المنهمر، فاشترى بجزء منه مجمعاً سكنياً نقداً، وتبع ذلك بمزرعتين منتجتين إحداهما في الشمال والأخرى في الجنوب، أما ما تبقى من “نقدي” فقد خبأه في المنزل وبالتالي شكر الله مرة أخرى، لأن اسمه لم يرد ضمن شلة “نواب غيت” وللحديث بقية.
• إضراب المتقاعدين
في غمرة الإضرابات المعلنة والكوادر المتحققة وغير المتحققة يحار المتقاعدون ماذا هم فاعلون، فرواتبهم ثابتة حتى الممات. وفي حديث مع أحد المتقاعدين أسرَّ إليّ بأنه ينوي الإضراب مثل غيره، ولكنه حار بماذا يضغط على الحكومة، فالموظفون يهددون بالإضراب عن العمل فبماذا يهدد المتقاعد؟ قلت له إن أقوى تهديد للحكومة، والذي ستستجيب على أثره لتهديدات المتقاعدين هو التهديد بالعودة للعمل. استحسن صاحبنا الفكرة وبدا اتصالاته لتنظيم الإضراب عن التقاعد والعودة القسرية للعمل. مَن يدري كل شيء جائز.
• التجمعات
يفترض أن يكون الحق في التجمع، مادام سلمياً، حقاً كفله الدستور بالمطلق، كما كفله القانون والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه الكويت منذ 1994، وبالتالي يصبح قانوناً محلياً بموجب المادة 80 من الدستور. وظيفة الحكومة هي ضمان أمن التجمع وتوفير الحماية له والترخيص للمسيرة إن وجدت. وبغض النظر عن هدف التجمع فليس من وظائف الحكومة أن تتصدى للتجمعات تحت أي مبرر مادامت تجمعات سلمية ولا تعترض الطريق ولا تعتدي على المارة. حكومتنا للأسف تستمتع كما يبدو بخرق الدستور ومنع الناس من ممارسة حقوقهم الطبيعية.
• المغردون والمدونون
بنفس الأسلوب تستمرئ السلطة تعديها على الحقوق البسيطة العادية للناس، وقد زادت في تعديها على المغردين وتهديدهم والتضييق عليهم وإخافتهم من خلال استدعاءاتهم المتكررة للتحقيق والضغط عليهم للتوقف عن التغريد. إن حرية التعبير ثابتة، وإن كانت هناك مخالفةٌ ما فمن الواجب عدم التعسف في استخدام السلطة مثل ما هو حادث مع المغرد ناصر أبل، حتى لو اختلفنا مع ما قيل إنه ورد في تغريدته.
أضف تعليق