أقلامهم

عبدالرحمن العوضي يرى أن الحكومة التي تصمت على الفساد والهدر لا تستحق البقاء

إلى متى هذا الهدر بالمال العام؟
د.عبدالرحمن العوضي


نسمع هذه الأيام عن مبالغ كبيرة تداولتها الأقلام ضمن القضايا والرشاوى وغسيل الأموال. وهذه المبالغ لم نكن نسمعها في السابق، حيث تتراوح الأرقام ما بين 10 و70 مليون دينار حسب آخر مسج تسلمناه في الهواتف النقالة بتاريخ 18/6 الساعة 10 مساء دخلت في حسابات أشخاص، وعندما أثير الموضوع أحيلت القضية للنيابة، والبنوك التي قبلت في السابق هذه الأموال دون التحقق من مصادرها أصبحت تخاف على نفسها فاضطرت الى إحالة بعض العملاء للنيابة وكشف حساباتهم، وهنا بطبيعة الحال تثار سرية الحسابات، ولكن قبل اثارة هذه القضية كان بإمكان البنوك ان لم تطمئن عن مصادر هذه الأموال ان تدق ناقوس الخطر وتلجأ الى البنك المركزي، وكان على الأخير اثارة هذه القضية ويبدأ التحقيق فيها حسب الاجراءات القانونية دون اثارة هذه الضجة التي حولت الكويت الى بلد رشاوى وتبييض الأموال والقضايا التي تأتي دون أي مبرر الا اذا كان لشراء الضمائر، وقد وصل الأمر الى ان تقوم احدى الصحف بتحديد مبالغ كبيرة وزعت على الدوائر الانتخابية في الانتخابات الماضية، وقد سمعنا ان بعض النواب كان يقبض عند التصويت على بعض القضايا الأمر الذي دعا صاحب السمو في العشر الأواخر من رمضان إلى إعداد قانون مكافحة الفساد، اي ان الرشوة أصبحت الآن أمراً مقبولاً.
 
وأعتقد ان هذا هو قمة الفساد. حقا انه أمر غريب يظهر بهذه الصورة المشينة لدرجة اننا أصبحنا مجالا للتنكيت والاستهزاء حتى من أصحاب البرامج الساخرة ليس في الدول العربية بل في الدول الغربية فهم على حق في ذلك اذا كانت الحقيقة غائبة عن مثل هذه الكوارث الأخلاقية والمالية في الدولة. بطبيعة الحال اول ما يتهم هي الحكومة، والحكومة مع الأسف الشديد دائما في الموقف الأضعف وحتى لو لم يكن لها اي تدخل في هذا الأمر ستكون دائما كبش الفداء، لأن سوابقها في السكوت عن الفضائح التي أثيرت في صفحات الجرائد والبرامج التلفزيونية حتى وصلت الى أشخاص محدودين يجعلها دائما في مجال الشك والريبة، وكل ما أتمناه في هذه القضايا الحساسة ان تشكل لجنة مستقلة من رجال الدولة التقاة والمستقلين، بغض النظر عن حكم النيابة ومطالبات البنوك وغير ذلك للتحقق من هذه الأمور ومحاولة اتخاذ اجراءات واقعية وعملية تقوم بها الحكومة للوصول الى احد المصادر المهمة للفساد والذي يمكن الاعتماد عليه للتحقيق في باقي انواع الفساد الذي يتداوله الناس في المجتمع.
 
يا ناس، لا يجوز ان نعيش في بلد اصبحت سمعتها الأخلاقية في الحضيض، لأن الحكومة التي تسكت عن الفساد والسرقات والرشوات هي حكومة لا تستحق ان تتولى ادارة امور الدولة، وأرجو ألا يتحول الأمر الى منازعات بين الحكومة ومجلس الأمة وان المتلاعبين في هذا المجال أقرب الى الحكومة وأقرب الى مجلس الأمة فهذا كله يمس شرف وسمعة بلدنا الحبيب الكويت، فأرجو ألا نتهاون كالعادة وأرجو الا تمر هذه الفضيحة بسلام، وأرجو ولأول مرة ان نرى أشخاصاً خلف القضبان وداخل السجون.
 
قد يقول البعض انني متفائل لأن الوقت قد فات على مثل هذا التدخل الصارم على سمعة وشرف الكويت، لذلك نقول ان الباقي لدينا فقط هذه السمعة وهذا الشرف. فعلى الجميع ان يتحرك من واقع المسؤولية لكي يحث متخذ القرار بحسم الأمر دون تردد ومهما كانت النتائج لأن الوضع اصبح خطيراً وخطيراً جدا لأن السكوت والتهاون والتنازل يعتبر خيانة عظمى لا يجوز ان نقبله بأي شكل من الأشكال.