لم تكن الدعوة التي وجهتها القوى السياسية إلى الشعب الكويتي للمشاركة في تجمع الغد دعوة عادية، فغدا هو يوم مختلف عن كافة الاعتصامات والتظاهرات، فهو اليوم الذي تجتمع فيه كافة القوى السياسية وأفراد الشعب رجالا ونساء، من أجل إيصال رسالة إلى السلطة مفادها أن “الشعب يريد القضاء على الفساد”، الذي استشرى في الدولة، والحفاظ على المال العام، الذي أصبح مستباحاً، لا من أجل مطالب فئوية أو شخصية.
ولتجمع الغد حسب ما أعلن بعض النواب ثلاثة مطالب أساسية، أولاً: محاسبة الراشي والمرتشي في قضية الايداعات المليونية وكشفهم أمام الشعب، ثانياً: تغيير الحكومة الحالية وتعيين حكومة جديدة برئيس وزراء جديد قادر على انتشال البلد والنهوض بها، ثالثاً: حل مجلس الأمة وانتخاب مجلس جديد، بعد أن أصبح به نواب لا يستحقون شرف تمثيل الأمة.
ووجهت القوى السياسية الدعوة لهذا التجمع الذي يجمع بين جميع أطياف الكويت رجالا ونساء بعد فضيحة الايداعات المليونية، التي كشفت عنها جريدة القبس، وينعقد عشية الموعد الذي كان مقررا لعقد دور انعقاد طارىء من أجل مناقشة هذه الفضيحة، بعد أن أخفقت كتلة التنمية والاصلاح في الحصول على 33 توقيعاً، من أجل تقديم الطلب، بتكتيك حكومي نيابي، حيث أيد طلبها 30 نائباً فقط.
ولم تكن قضية الايداعات المليونية مفاجئة للبعض على الأقل، فلطالما تحدث كثيرون عن المال السياسي الذي يتم دفعه من أجل شراء الذمم، كما لم تكن الأسماء التي تم تسريبها أيضاً مفاجئة، فجميعهم من فئة “حاضر تامر طال عمرك”، لكن ذلك يجعل المسؤولية مضاعفة على الجميع، من أجل محاسبة الراشي والمرتشي بعد الكشف عنهم أمام الشعب الكويتي.
من المؤكد أن الملايين المشبوهة التي دخلت حسابات النواب، قد جاءت من المال العام أو على حساب سرقته، لأن الراشي حسب ما قاله المحامي مشاري العصيمي، لا يدفع من جيبه الخاص، وإنما يدفع من المال العام، الذي يحتاج إلى وقفة أصحابه اليوم من أجل الدفاع عنه، والشعب بعد أن عرف المرتشي كما قال النائب وليد الطبطبائي يريد معرفة الراشي.
إن بنكا الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي “بيتك” قد قاما بدور وطني، انطلاقا من حرصهما على الحفاظ على سمعة الكويت والدفاع عن مؤسساتها المصرفية، بدآ يتعرضان الآن لحملة شرسة من ضمن بعض وسائل الاعلام المحسوبة على أطراف معينة، وبحاجة إلى أن يقف الجميع ليقول لهما “شكراً”، على عدم رضوخكما للضغوطات التي مورست عليكما، وقيامكما بهذا الدور الوطني، والطلب من البنوك الأخرى التي أصبحت سمعتها على المحك احالة الحسابات المشبوهة الى النيابة العامة.
لماذا يجب أن نشارك في اعتصام ساحة الإرادة غداً؟ سؤال قد يطرحه البعض، ويجيب عنه الواقع الذي نعيشه والحال الذي وصلت إليه الكويت، فيجب أن نشارك بعد أن استحل بعض أعضاء مجلس الأمة (المختصون بسن القوانين والرقابة على الحكومة والحفاظ على المال العام) المال العام وباعوا ذممهم.
أصبح من الضروري أن يشارك الجميع في أي تظاهرة تطالب بالمحاسبة واإصلاح ما أفسدته حكومة ناصر المحمد، وبعد أن استشرى الفساد في قطاعات الدولة، وتقدم الكويت سنوياً في مؤشر مدركات الفساد العالمي إلى الخلف، وهو ما يعني أن الفساد يزداد كل سنة في مؤسساتها عن السنة التي سبقتها، كما يجب أن نشارك بعد أن اتجهت الحكومة لتقييد الحريات وتكميم الأفواه وملاحقة المغردين، وتسليط الاعلام الفاسد على النواب الشرفاء، وعدم تحقيق مبدأ العدالة على المواطنين، وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، والاستفادة من المناصب القيادية والترقيات في تسديد الفواتير السياسية، بعد أن أصبحت القضية ليس محاسبة المفسدين وانما ملاحقة الذين كشفوا الفساد وبلغوا عنه.
إن غدا هو يوم الشعب يوم يكون أو لا يكون، فالغياب عن المشاركة يعني موافقة على نهب المال العام وتفشي الفساد، وهو اليوم الذي يراهن عليه القائمون على التجمع بأن الحضور سيكون حاشدا، بينما يؤكد الاخرون بأنه سيكون ضعيفا… فهل ستشارك أم لا؟
أضف تعليق