الإمارة الدستورية.. والراشي والمرتشي!
محمد عبدالمحسن المقاطع
ببساطة شديدة، أقول لمن يعلم أو من لا يعلم ذلك ان الدستور الكويتي الحالي والصادر في 1962/11/11، قد أرسى بمبادئه وأحكامه ونظامه البرلماني ومنظومة النظام الأميري الوراثي تبنيه وأخذه لنظام الإمارة الدستورية، وهو ذلك النظام الذي يكون فيه للأسرة الحاكمة الدور في إمداد الدولة بمنصبي الأمير وولي العهد، وأن يقتصر دورها ويقف عند تلك الحدود، وتكون السلطة التنفيذية – أي الحكومة – برئيس وزرائها ووزرائها حكومة شعبية بعيدة عن الأسرة الحاكمة، وهذا هو المقصود بنظام الإمارة الدستورية. وقد استجمع واضعو الدستور الكويتي كل المبادئ والعناصر اللازمة لتطبيق هذا النظام في الكويت في ظل مبادئ وأحكام دستور 1962/11/11، بيد انه وأخذا في الاعتبار المرحلة الانتقالية من نظام الإمارة المطلقة، التي كانت السلطات جميعها بيد سمو الأمير، قبل وضع الدستور، والنقلة إلى نظام الإمارة الدستورية بمفهومها الذي أوضحناها أعلاه، قد دفعت واضعي الدستور الكويتي في تلك المرحلة إلى عدم اغلاق باب إشراك أحد أو بعض أبناء الأسرة الحاكمة بمنصب «وزير» حتى يبقى ذلك الدور الاستثنائي والمحدود بوزير أو وزيرين من أبناء الأسرة الحاكمة، مدخلا لتدريبهم على العمل التنفيذي من جهة، وإيجاد قناة أخرى مؤقتة لتلبية دواعي المرحلة الانتقالية، وهذا ما عبّرت عنه بصدق وواقعية المذكرة التفسيرية للدستور، حينما قررت «والخروج بالقدر الضروري عن منطق النظام البرلماني البحت رغم أن نظام الإمارة وراثي»، كما قررت في موضع آخر ما يلي «وإيراد هذا الحكم الخاص بتعيين وزراء من غير أعضاء مجلس الأمة مع تعمد ترك ما تتضمنه الدساتير الملكية عادة من نص على «ألا يلي الوزارة أحد أعضاء البيت المالك» أو «أحد من الأسرة المالكة»، يؤدي إلى جواز تعيين الأسرة الحاكمة وزراء من خارج مجلس الأمة، وهذا هو الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم، نظرا الى ما هو معروف من عدم جواز ترشيح أنفسهم في الانتخابات».
ومن ثم يتضح أن هذا استثناء محدود ومقصود لا يمكن التوسع فيه، بصورة تهدر النظام البرلماني، ولذلك – وبكل تأكيد – فإنه لا يجوز أن يكون رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة، ويجب أن يكون شعبيا، كما أرسى ذلك الدستور.
لذا، فإنني أقول لمن فاتهم ما كان عليهم أن يعرفوه دستوريا وديموقراطيا وعمليا، إن نظام الإمارة الدستورية هو من صلب الدستور ومنطق النظام البرلماني الذي أخذ به، أما من اشتطّ من هؤلاء بقولهم الساذج ان الدعوة للإمارة الدستورية هي انقلاب أو هي انقلاب على الدستور أو هي تحريض ضد الأسرة الحاكمة أو غيرها من التهم والعبارات التشكيكية، فإنهم قالوا ذلك عن عدم معرفة أو سذاجة أو سوء قصد، ومنطقهم في ذلك ساقط، وللأسف ان من بينهم أعضاء في مجلس الأمة وشخصيات مثقفة كان عليهم أن يعلموا الحقيقة قبل الانجراف بمزايدات سياسية.
وعودة إلى الأرصدة المليونية لبعض نواب مجلس الأمة، وفي ظل تزايد عددهم (ما بين 10 و17 عضوا) كما يتداول، صار مجلس الأمة فاسدا، وبقاؤه مفسدا، وحلّه ضرورة وطنية ومسؤولية ملحّة، أما من يقُل ويطالب ببقاء المجلس وعدم حلّه، فإنه يكون راضيا بهذا الفساد، وربما يسعى الى مصالح شخصية، ورئيس الوزراء هنا مسؤول وعدم بقائه في منصبه صار – أيضا – أمرا ملحًّا، فله ولهذا المجلس نقول: «اتركوا الحياة العامة، فقد صار وجودكم مثقلا للوطن ومزعجا لشعبه!».
***
شكراً لمحافظ البنك المركزي
اطلعت على رد محافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح فيما أثرته في مقالتي يوم الخميس 14 سبتمبر 2011، وأود بداية أن أشيد بمهنية وشخصية هذا المحافظ ورقي رده وحسن عباراته، وأستسمحه عذرا بأن أختلف معه على ما جاء في الرد من واقع وثيقة طلب إعفائه من مسؤولية اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال (أربع صفحات) والقرار الوزاري رقم 11 المنظم للجنة، وأقول: هذه معلومات وبيننا اختلاف، لكنه لا يفسد للود قضية، فشكراً مرة أخرى للمحافظ.
اللهم إني بلّغت.
أضف تعليق