من وراء.. «كرة النار»! (1)
منى العياف
حتى نخرج من «الدوامة القبيحة» التي تمر بها الكويت حاليا، وندفع عنا الجنون الذي مس كل شيء، وأوصل البلاد والعباد الى حد الانفجار، لنهدأ قليلا ونتريث ونفكر في سيناريو الأحداث منذ بداياته حتى نفهم ما يجري، لأن «اللي بالفخ أكبر» والأيام «حبلى» بما هو أكثر!
بدايات هذه الأزمة «الدوامة القبيحة» التي نغرق فيها الآن تعود الى يوم 20/8/2011 عندما فجرت «القبس» قضية تضخم الحسابات المصرفية لعدد من أعضاء مجلس الأمة، وفي افتتاحيتها الصادرة يوم 21/8/2011، وجهت الصحيفة لهم اتهاما مباشرا بأن «من ائتمناهم على الرقابة والتشريع وكذلك بعض من ائتمناهم على التنفيذ (أي السلطتين معا) فاسدون»!
وبدأ الأمر مثل كرة النار، فقد تبعتها جريدة «الجريدة» التي يملكها النائب السابق محمد الصقر، الذي كان رئيسا سابقا لتحرير «القبس»، وأحد ملاكها، والذي ينوي خوض الانتخابات المقبلة والمنافسة على مقعد الرئاسة، لتطالب ـ أي «الجريدة» ـ بحل المجلس والحكومة معا.
ثم يصادف الأمر هوى وتلاقي مصالح مع صحف أخرى، وجميعها تطالب بإسقاط الحكومة ورئيسها وحل المجلس، فبدا الأمر وكأننا أمام مطلب عام، وان هناك جريمة وتهمة ومتهمين وراشين ومرتشين، كرة من النار تتمدد وتحرق، وهكذا اختلطت كل الأوراق!
وفي ظل طبول الحرب التي أشعلتها الصحف نحن نريد ان نفهم ماذا يحدث؟ نريد ان نستوعب كيف تحدث هذه التحولات الرهيبة؟ وكيف يحيد أنصار المبادئ عن مبادئهم؟ كيف لهذه الصحف وفي مقدمتها القبس «العزيزة» والتي كانت تتصدى في السابق لقضية شيكات المسلم لخطورتها على السرية المصرفية وعلى سلامة الجهاز المصرفي وتخشى من وصول الصراعات السياسية الى دهاليزه، كيف لها ان تنتقل من جانب حماية هذا الجهاز الخطير، والمحافظة عليه الى الناحية الأخرى، وتتبنى اليوم عكس ما استماتت في الدفاع عنه بالأمس؟!
وبينما نحن مصدومون مما يحدث، يأتي بيان اتحاد المصارف في 22/8 ليحذر بوضوح من مغبة نشر وتداول هذه الاتهامات وانعكاساتها الخطيرة ونتائجها الكارثية على سمعة القطاع المصرفي الكويتي كله، إذا لم يتم هذا التداول في أطره القانونية، ورغم استبشارنا خيرا بأنهم سيفهمون وأنهم سيراعون المصالح العليا، إلا انه «لا حياة لمن تنادي»!
حتى البيان الذي أصدرته مجموعة الـ 26، والذي انتهج نفس النهج الذي سار عليه اتحاد المصارف، وأكد على مضامينه، والذي توقعنا معه ان يعيد الاخوان نظرهم في القضية التي تمس الاقتصاد الكويتي في الصميم، وان يؤكدوا على نفس المعاني، إلا ان هذا الأمر لم يعجب الصحف التي كانت في السابق تعتمد على بياناتهما وتدعمها دعما كاملا.
وبعدها جاء تأكيد محافظ البنك المركزي على ان الحكومة غير معنية بالموضوع الى ان تأتي البلاغات من قبل البنوك إلى النيابة العامة، وحتى 7/9/2011 لم نسمع شيئا عن القضية، حتى خلنا ان هناك ادراكا لمخاطر هذا العبث، حتى ان صحيفة «السياسة» نفسها خرجت في هذا اليوم بتصريحات على لسان مسؤولين في البنك الوطني وبنك الخليج وبيت التمويل، يؤكدون فيها ان الأوضاع لديهم عادية، وانهم لم يتقدموا بأي شكاوى او بلاغات الى النيابة العامة، فهل كان السبب في ذلك ان هناك من يعمل على انضاج فضيحة بأي ثمن؟ حيث انفجرت في وجوهنا بعد ثلاثة أيام في يوم 11/9/2011 قضية تحويل البنك الوطني أرصدة 5 نواب الى النيابة، وبعدها بيت التمويل بإحالة 5 أرصدة ايضا إلى النيابة!
وليس هذا فحسب، وانما راح آخرون يتلقفون كرات النار ليوظفوها حسبما تكون مصالحهم السياسية، فقد بدأ التحالف الوطني التحضير لإسقاط الحكومة والمجلس معا، وذلك بالدعوة الى عقد ندوة في مقره تحت عنوان «الراشي والمرتشي»، وجّه فيها الدعوة الى جميع القوى السياسية (مجازا) وتحول الأمر الى «سوق كبير»، يدخله كل من له أجندة ويزايد فيه من يريد المزايدة، والراية التي يحملها ولا شيء غيرها هي: أين مصلحتي الشخصية؟ وهكذا ظهرت كل الأجندات، تجمع كل الحالمين بتغيير المشهد السياسي الحالي!
وفي ظل هذا كله ايضا تتفجر في وجوهنا قضايا أخرى تؤكد ان «اللي بالفخ أكبر» حقا، فقد ظهرت قضية المشتقات المالية، وغدا سنستكمل الحديث عن الدعوة لـ «تجمع الأربعاء» وتحول المشهد الى حفلة زار حقيقية!
..والعبرة لمن يتعظ!
أضف تعليق