تخاريف المعارضين الجدد
عبداللطيف الدعيج
«… يحظر المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو الصحابة الأخيار أو زوجات النبي ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ أو آل البيت ـ عليهم السلام ـ بالتعريض أو الطعن أو السخرية أو التجريح بأي وسيلة من وسائل التعبير» (مادة 19).
كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن «الامارة الدستورية» وضرورة انتقال الكويت الى هذا المستوى من «التطور» السياسي، خصوصا بعد مرور اكثر من نصف قرن من «الحكم الديموقراطي».
لا يخفى على احد انني «رجعي جدا ومتخلف جدا» عند الحديث عن اي تطوير للنظام السياسي هنا. فانا كنت ولا ازال ضد حتى فصل ولاية العهد عن منصب رئيس مجلس الوزراء، حذرت منها وقد ثبت بالملموس الأثر السلبي لهذا الفصل. انا ضد رئيس وزراء شعبي، وبالتأكيد ضد تحويل الكويت «الآن» الى حكم دستوري ـ نيابي كامل. هذه وجهة نظري ولن اخفيها او أماري فيها كما فعل البعض الذي مال الى تأييد هذا الانتقال الفجائي في الحكم، فمضى يكذب ويلفق تمهيدا ودعما لهذا الوهم. لكن… انا في النهاية مع الحكم الدستوري، وحتى مع جمهورية افلاطون ان امكن… لكن ليس الآن.. وليس في ظل تسيد التعصب الديني والقبلي، وليس في غياب الحس الوطني والرغبة الشعبية في الانتماء، وليس في ظل سحق شخصية المواطن وفرديته فداءً للطائفة او القبيلة او جنات عدن في العالم الاخر. وبالتأكيد ليس تحت وطأة الحكم الشمولي المتمثل في فرض واملاء الاتجاه الديني الرجعي بالقوة في التربية وفي السياسة وحتى في الاقتصاد والقانون.
الانتقال الى الحكم الدستوري يتطلب الايمان الكامل بالصراع الديموقراطي الذي تكفله وتحدده مبادئ الانتقال والتداول السلمي للسلطة، هذا الانتقال وهذا التداول اللذان تمهد لهما وتضمنهما «الحريات» المتاحة بشكل عادل ومتساو امام جميع المنتمين للوطن، من اجل طرح وجهة نظرهم و«الترويج» الحر لمعتقداتهم ومبادئهم. ان المؤسف ان بعض المنتمين وطنيا وديموقراطيا، اما بحسن نية او ببلاهة، ساروا ويسيرون مع مقولة الحكم الدستوري، رغم ان مرددي ومخترعي والمتحمسين والمروجين تدليسا وكذبا لهذا الوهم هم ألدّ اعداء الحرية واشد الناس تمسكا بالمفاهيم التراثية والعقائد البالية. ان المطالبين بالامارة الدستورية من امثال «شباب» حدس ــ في ساحة البلدية ــ هم وليس احد غيرهم من اقر المادة المذكورة اعلاه من قانون المطبوعات، وهم ومعهم متخلفو ساحة الارادة «جميعهم ولا استثني حتى مدعي الليبرالية» من يتمسك بـ«ثوابت الامة» ويقاتل ضد اي تغيير سلمي او تداول حر للسلطة او للعقائد والمفاهيم. ليس صعبا على هذه الاشكال المغرقة في الرجعية شتم رئيس مجلس الوزراء واهانته او الدعوة الى اقالته، وتغيير ثوابت الحكم السياسي وقواعده، في الوقت الذي يتمسكون فيه باكاذيبهم وخزعبلاتهم ووصايتهم الاجتماعية اللامتناهية على المجتمع، ليس غريبا هذا على هؤلاء، فهذه تربيتهم «الدينية»، وهذا معتقدهم وما يسعون اليه… لكن الغريب كل الغريب ان يجدوا اذنا صاغية تستمع لهم وكتفا يستندون اليه ممن يدعون الوطنية والتقدمية.
***
نشرت احدى صحفنا يوم امس الاول الآتي «.. ومن جانبه، قال مصدر في كتلة العمل الشعبي إن كتلة النواب والمجاميع المعارضة فتحت تنسيقا مع بعض النقابات لتوظيف استيائها من عدم إقرار كوادرها وحقوقها ونقمتها تجاه ذلك في حشد النقابات في الندوات المقبلة للضغط على الحكومة وحملها على الاستقالة». هكذا تمت صياغة الخبر، لكن الواضح ان النقابات دخلت على خط الابتزاز السياسي بمباركة كالعادة من التكتل الشعبي.. لهذا فان تضخمت بعد سنوات ارصدة بعض قياديي النقابات او احيل بعض «العمال» الى النيابة بتهمة غسل الاموال… فلا تستغربوا.
أضف تعليق