من موقعه (ميزان) وجه الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم رسالة جديدة إلى صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله، ناشد سموه من خلالها أن يترك (الراشي) يواجه مصيره بنفسه، وألا يسمح له باستخدام راية النظام والأسرة هذه المرة كي يحمي نفسه .
في المقال نفسه ذكر الجاسم أن رئيس مجلس الأمة هو أكثر الأشخاص تأثيرا، أو تحكما، في القرار السياسي، وهو “داش طالع”، ويملك مع الشيخ ناصر المحمد “أدوات بشرية” موزعة في كل مكان وديوان، ويعملون على طريقة “واحد يباصي وواحد يشوت” أو “واحد يرفع والثاني يكبس”..
ويذكر في مقاله “أن جاسم وناصر لهما مصلحة شخصية في إبقاء الوضع على ما هو عليه، فكيف لي أن أبطل مفعول تأثيرهما؟” ..
المقال متعدد الاتجاهات، وإن كان يدور في مجمله حول محور واحد.. والتعليق لكم.
كرمتنا
محمد عبدالقادر الجاسم
حين بدأت الكتابة في هذا الموقع قبل أكثر من ستة أعوام، كنت أكتب في أغلب الأحيان بهدف ممارسة حقي في التعبير عن رأيي.. كنت أستمتع بالكتابة التي تشبه عبور حقل إلغام سياسي وقانوني.. كتابة المقال في بعض الحالات لم تكن تستغرق نصف ساعة، إلا أنني كنت أراجعه وأدقق في كلماته وأعيد قراءته عشرات المرات على مدى يومين أو أكثر.. كنت أيضا أتعمد استخدام مفردات ومصطلحات جديدة وأتابع مدى انتشارها، تماما كما أتابع مدى انتشار بعض الأفكار الجديدة التي أطرحها هنا. اهتمامي يتركز دائما على التأثير العام لمقالاتي، بمعنى أن مسطرة نجاح أو فشل كتاباتي تتجسد في مدى انتقال مساحة الحرية المتاحة في هذا الموقع إلى خارجه. دفعت، ولم أزل أدفع، أثمان عدة نتيجة مقالاتي، لم يكن السجن أشدها وإن كان أكثرها علانية. نقلت إلى القراء معلومات، وقدمت تحليلات، وطرحت توقعات.. ناقشت تفاصيل شؤون الأسرة “الحاكمة” بكل حرية.. كشفت حجم الاختراق الإيراني للقرار في بلادي.. نصحت شيوخنا الكرام بما يتوجب عليهم فعله حفاظا على إمارتهم وعلى بلدي الكويت.. عملت على تشجيع الرأي العام للتعبير عن رأيه الحر في الشارع.. لم أكن في ذلك كله أبتغي دور البطولة ولا أبحث عن زعامة أو تميز، بل كان إحساسي بأن واجبي كمواطن يحتم علي أن أفعل ما أفعل مهما بلغ الأذى الذي أتعرض إليه نتيجة قيامي بهذا الواجب.. صحيح أنني فكرت أكثر من مرة بالتوقف نهائيا عن الكتابة هنا بسبب إحساسي بانعدام الجدوى وبارتفاع التكلفة الشخصية، إلا أنني في كل مرة أفكر هذا التفكير أشعر بأن التوقف عن الكتابة لم يعد خياري الشخصي، وأن قرار التوقف فيه درجة من الانهزامية ونوع من الغدر لكل من وقف معي أيام حبسي.
لكن هذه الأيام، وبعد افتضاح أسلوب الرشوة السياسية في بلادي، ومعرفة القاصي والداني بالراشي والمرتشي والمبالغ والمناسبة.. بعد هذا كله أتعرض لضغط شديد للتوقف عن الكتابة.. ضغط ذاتي شخصي لأنني أرى أن السيل قد بلغ الزبى كما يقولون، وأنه ليس هناك من جدوى ولا مصلحة عامة من وراء الكتابة.. فالبادي أن الأسرة “الحاكمة” تتصرف وكأن فضيحة الرشوة لا تعنيها، وتفاعل الرأي العام في الشارع لم يصل الحد المأمول على الرغم من أن كرامة الشعب هي التي على المحك، وقوى سياسية يضع بعضها قدم في مستنقع الفساد والرشوة والقدم الأخرى في ملعب الوطنية، ونواب بالكاد يتفقون على حلول وسط، وبعضهم شريك في الفساد، والمخلص منهم لا يملك سوى خطاب عاطفي وسلسلة من “التكتيكات”.. فهل هناك من جدوى للاستمرار في الكتابة والمشاركة في الحياة العامة؟!
سؤال أوجهه للقراء وأنتظر إجابته لأنني أشعر بإحباط شديد، وأفكر جديا في التخلي عن مشاركتي في الحياة العامة رغم محدوديتها، فعجزنا عن التغيير الآن ليس إلا ذروة الفشل لي شخصيا ولغيري ممن يتعاطى الشأن العام تحت راية المصلحة العامة بأي وسيلة كانت. وعلينا أن نقر بفشلنا إن لم ننجح في إحداث التغيير المطلوب، وأن ننسحب من الحياة العامة.
قلت في بداية المقال أنني أكتب في أغلب الأحيان بهدف ممارسة حقي في التعبير عن رأيي، لكنني في أحيان أخرى أكتب بهدف التأثير على القرار، واليوم أكتب الفقرة التالية بهدف التأثير على القرار فيما يتصل بفضيحة الرشوة السياسية .. أصحاب المصلحة يدفعون صوب بقاء الحكومة ورئيسها ومواجهة الاستجوابات القادمة بالأسلوب المعتاد، وأنا، كمواطن عادي، أرى أن هذا الاتجاه خطأ فادح، ولكن كيف لي أن أغير مسار القرار؟ بل ما هي أدواتي لتغيير القرار؟ جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة هو أكثر الأشخاص تأثيرا، أو تحكما، في القرار السياسي، وهو “داش طالع”، ويملك مع الشيخ ناصر المحمد “أدوات بشرية” موزعة في كل مكان وديوان، ويعملون على طريقة “واحد يباصي وواحد يشوت” أو “واحد يرفع والثاني يكبس”.. وجاسم وناصر لهما مصلحة شخصية في إبقاء الوضع على ما هو عليه، فكيف لي أن أبطل مفعول تأثيرهما؟
لا أملك سوى كلماتي هذه.. أوجه بعضها للشعب الكويتي قائلا: إن كرامتنا كشعب على المحك.. كيف نقبل أن تدار أمورنا عن طريق الرشوة العلنية.. من حقكم التعبير عن غضبكم بطرق مشروعة سلمية ممن يستخف بكم ويهينكم، فلا تتردوا في إعلان رأيكم صونا لكرامتنا ولمستقبل أولادنا.
وعندي أيضا كلمات أخرى أخاطب بها صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه كمواطن لا مصلحة خاصة له في رحيل أو بقاء الحكومة ورئيسها.. كمواطن كويتي عادي يحب بلده ويريد لذرية مبارك الصباح الاستمرار وفق الدستور إلى ما هو أبعد من العهد الحالي.. أقول لصاحب السمو، وأنا أتمنى أن يصل إليه هذا المقال: واجبي يحتم علي أن أكرر عرض رأيي الذي قلته في مقال سابق..
يا صاحب السمو.. نثق بأنك لن تقبل بأن يتم، في عهدك، التستر على فضيحة سياسية بهذا الحجم بعد انكشافها. أرجوك يا صاحب السمو ألا تعطي بالا لمن يقول بأن “الأمور تحت السيطرة” في مجلس الأمة وفي الصحافة والقضاء، فالمسألة تعدت ذلك بكثير.. أرجوك يا صاحب السمو دع “الراشي” يواجه مصيره لوحده.. أرجوك لا تسمح له باستخدام راية النظام والأسرة هذه المرة كي يحمي نفسه. إن راية النظام يجب أن تبقى بمنأى عن متناول “الراشي” أو حمايته كي لا تتلوث تلك الراية بما تورط هو فيه.
هذا رأي مواطن عادي ليس له أي مصلحة من أي نوع كان في أي مكان.. مواطن يريد العيش بهدوء وسلام وأمان في وطنه.. وللعلم فإنني لن أرشح نفسي في أي انتخابات قادمة.
أظن أنني أديت واجبي وأبرأت ذمتي
أضف تعليق