الحكومة.. يا ذكية.. يا غرقانة!
وليد عبدالله الغانم
بالرغم من اضطراب الحكومة في التعامل مع قضية ملايين النواب في بداياتها، فإنها سرعان ما تمالكت نفسها وعادت بالشكل الذي تجيد فيه التعامل مع سائر القضايا المصيرية، وهو الصمت والتأجيل الى اللحظة الاخيرة، وباستثناء بيانات مجلس الوزراء العامة والفضفاضة، فإن الحكومة لم تصرح تفصيليا بموقف واضح تجاه هذه القضية حتى الآن، وبحسب ما ينشر في الصحف، فإن الحلقة الأضعف في موقفها تصرفات البنك المركزي في التحويلات المليونية، وعن صحة ما يثار انه كان على علم مسبق بها قبل إثارتها، وهو امر يضع قيادات البنك في دائرة المساءلة.
ما تفسير الصمت الحكومي في موضوع ملايين النواب؟ من وجهة نظري هناك تأويلات عدة أهمها أن الحكومة ذات نَفَس طويل في التعامل مع القضايا الجماهيرية، وخبرتها في قتل حماس الأطراف المعارضة متميزة، لذلك قد تلعب على مسألة الوقت لوأد هذا الموضوع سياسيا على الأقل.. الحكومة أيضا تراهن على تفرق الصف النيابي الذي بالكاد التأم على استحياء باصطفاف «الشعبي» و«الإصلاح» و«التحالف» جنبا الى جنب في قضية واحدة بعد شقاق عنيف، وخبرة الحكومة في شق الصف النيابي هي إحدى أبرز مهاراتها، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، خاصة بعد ان اصبحت مقاضيب النواب والكتل أكثر من مقاضيب الحكومة كما هو معروف في الاستجوابات الأخيرة وصفقاتها..
لم تستنفد الحكومة كل أوراقها بعد، ولمَ العجلة وباقٍ 3 أسابيع على انعقاد البرلمان؟ فقد تستجدّ أمور كفيلة بقلب المسائل رأسا على عقب كما حصل في شيكات فيصل المسلم عندما أظهرت الحكومة أحدها للنائب الطبطبائي، فأحرقت الاستجواب شعبيا بالرغم من كونه مستحقاً سياسياً من الدرجة الأولى، فما الذي لدى الحكومة لتظهره لنا في اللحظات الأخيرة؟
لندع كل هذه التأويلات على جنب، ولنقل: ماذا لو ثبت أن الحكومة ليست طرفا في هذا الموضوع، أو كما هو مفترَض أن الملايين من جهات خارجية؟ فهي ليست معنية بالهجوم المباشر، بل الموضوع فساد نيابي بحت، ولو تطور الأمر الى تقديم استجواب لها كما يراد، فربما تصيب الحكومة هذا الاستجواب في مقتل إذا تبين حقا أن الملايين هي ناتج اتفاق نواب فاسدين مع جهات خاصة محلية أو خارجية.
باختصار.. صمت الحكومة القاتل إما دليل ذكاء خارق أو أنها غرقانة لخشمها.. فلننتظر جلاء الحقيقة.. والله الموفق.
أضف تعليق