أقلامهم

سعود السمكه يسأل السعدون: أينك عندما كنت “الرجل الثاني” في الدولة حين كان بعض النافذين يتآمرون على نظام البلد؟

مرحلة الانهيار في منطق السعدون!
كتب سعود السمكه
عادته في المبالغة والتهويل، وصف النائب احمد السعدون المرحلة الحالية التي تعيشها الكويت بأنها مرحلة بداية «الانهيار» (في اشارة الى موضوع الارصدة المليونية لبعض النواب الذي نشرته القبس).
في البداية، نود ان نعلن شجبنا اللا محدود لاي نوع من انواع الفساد، في اي زمان واي مكان، ناهيك ان يكون ويحدث في اوساط سلطات الحكم الثلاث. وان هذا الموقف هو موقف صلب ومبدئي دخلنا بسببه معارك طويلة وقيصيرية، خسرنا على اثرها الشيء الكثير، حتى طال مصدر رزقنا المحدود، ومع هذا لم نتوقف وسنبقى على هذا المبدأ الى الابد.
ثانيا، ان الكويت باعتبارها توصف ضمن منظومة دول العالم التي تفتقر الى الشفافية في الادارة، فإنها لم تكن في يوم من الايام خالية من الفساد والتجاوزات.. بل لعل التجاوزات التي حصلت خلال الثلاثين عاما من القرن الماضي كانت تكفي لانهيار دول تفوق الكويت بما تملكه من مقومات الشيء الكثير، ومع هذا لم يحصل الانهيار الذي تتحدث عنه اليوم ايها السيد النائب! الا ان هذا لا يعني ان نتوقف عن شجب الفساد وتسليط الضوء على المفسدين، وان ما يتم الحديث عنه هذه الايام ويتداول كخبر يسمى بالارصدة المليونية الذي نشرته القبس، ينبغي ان يأخذ حقه في التحقيق الى ابعد مدى حتى تظهر الحقيقة.
لكن ان كان هناك انهيار او مقدمات له، على حد زعمك ايها السيد النائب، فهو لا يكمن في الخبر عن بعض الملايين هو الآن في دوائر القضاء تخضع للتحقيق لمعرفة الحقيقة.. بل هو لا يعدو ان يكون واحدا من تلك التداعيات الطبيعية التي يمكن ان تحدث من جراء الخطيئة الام الكبرى التي ارتكبتها السلطة آنذاك، وقت ان كنت نائبا ثم رئيسا لمجلس الامة..!
أينك عندما كنت في موقع الرجل الثاني في الدولة حين كان بعض النافذين في السلطة ـــ آنذاك ـــ يتآمرون على نظام البلد المتمثل بالدستور عندما وظفوا كل امكانات الدولة في هجمة غير مسبوقة في عملية تجنيس نُسفت من جرائها كل مبادئ ومعايير السيادة الوطنية وقيمة الولاء والانتماء، وضربت عرض الحائط بسنّة الكون المتمثلة في حدود التكاثر الطبيعي لعدد السكان الذي يتماشى مع قدرات الدولة وامكاناتها الخدمية، لغرض تجميع الموالين والاتباع من اجل الهيمنة على القرار، ومن ثم ممارسة السلطة المطلقة بعيدا عن اطار النظام العام المتمثل بالدستور على حساب البلد واجياله المقبلة؟!
اليس مثل هذا الفعل الخطيئة يستدعي ان تمارس امامه اعلى درجات المسؤولية، خصوصا انك كنت في موقع الرجل الثاني في الدولة، باعتبار ان مثل هذا الفعل سيكلف البلد ع‍لى المدى البعيد فواتير باهظة مادية وتنموية وامنية واخلاقية؟! ألم تكن تعلم ان مثل هذا الفعل هو لاجل تحجيم الحلم الكبير الذي كان يحلم به الرعيل الاول من رجالات الكويت الاوائل في رؤية بلدهم وقد رفرفت عليه راية الدستور وافترشت ارضه ثقافة الديموقراطية الحقيقية التي تحقق العدل والمساواة وتحصنه من شر التنابز بالالقاب كما هو حاصل اليوم؟!
لماذا لم تقف ذلك اليوم لتصرخ بأن الكويت تنهار؟! وهل هناك عاقل يستطيع ان يتجاوز تلك المرحلة السوداء من تاريخنا السياسي والتي مارست السلطة فيها ـــ آنذاك ـــ اسوأ عملية شهدها البلد في تاريخنا الحديث حين استبيحت الكويت بعملية تجنيس باعداد فلكية لاجل فقط ضمان التفوق السياسي وعلى من؟! على اهل الكويت الذين قامت على سواعدهم كويت الماضي، بادية وحاضرة، ووضعوا اساسات الكويت الحديثة لبنائها على اساس نظام حضاري يوفر تكافؤ الفرص ويؤمن العدل والمساواة ويضمن حق حكم الدولة من خلال ذرية المغفور له مبارك الصباح!