أقلامهم

علي المسعودي: يمكن للشعب العربي أن يقبل وليمة بلا سلطة.. لكنه يعيش اليوم أمام سلطة بلا وليمة. السلطة خس وجرجير. والشعوب تتضور جوعا و تريد (لحمة).

مصدر السلطات جميعاً!


علي المسعودي



كنت قبل أيام في أحد الفنادق يتقدمني في البوفيه عدد من الأوربيين – وهم «خبراء نفطيون» بلا شك! – ينتظمون في دور مرتب يحافظ كل منهم على مكانه وحقه في التقدم. كنت أطالع وأتفحص بحثا عن وجوه عربية، وأفكر بطريقة أكسر فيها النظام.. عندما سمعت شخصا خلفي يقول لزميله: (سيبك من السلطة.. خش ع الجمبري!)
تجاوز الاثنان الطابور الذي يبدأ بالسلطة وذهبا إلى المقدمة حيث (الوجبة الرئيسة)!
طبعا!
في حالات الجوع الشديد تخذلك «السلطة».. فتشعر أنها لاتغني ولاتسمن من جوع. السلطة مجرد شكل لا غير، ومن يبحثون عن (لقمة عيش) في طوابير الخبز الطويلة لا يحترمون السلطة.. فهي مخصصة للمترفين الذين تتوفر في بيوتهم كل أنواع الأكل.. بما فيه أكل الحقوق!
السلطة ليست لكل من هب ودب، هي «للبشوات»
و.. (يمكن الاستغناء عن ألف البشوات»!
السلطة لها ناسها.. تعرف زبائنها.. ومن يرغب فيها، ومن لا ترغب فيه.. وهي تبادلك مشاعرك.
السلطة كذبة كبيرة، هي ليست أكثر من طماط وخيار مقصص ومخلوط.. بطريقة عشوائية! توهمك أنك شبعت.. لكنك بعد لحظات ستجوع، و(الجوعى) لا تعالج «السلطة» جوعهم. وعندما يحدث أن يدخل الفقراء بوفيه عام في بلد عربي.. يقفون أمام السلطة خائفين مرتجفين لا يعرفون كيف يتعاملون معها.. فكأنها ستأكلهم قبل أن يأكلوها! ينظرون حولهم (هل يراكم من أحد)،.. ولعل أحدهم يحمل صحن السلطة (لإثبات حسن النية) فقط.. ولو ذهبت إلى طاولته بعد الأكل ستجد أنه لم يلمس طبق السلطة.. لأن (الغلابة)
لا يتعاطون السلطة ولا يستطيعون هضم أطباقها! الشعب العربي يحب العيش (مصدر السلطات جميعا). السلطة
لا تغني عن العيش.. لكن العيش يغني عن السلطة، (أعطني عيش.. وخذ السلطة). يمكن للشعب العربي أن يقبل وليمة بلا سلطة.. لكنه يعيش اليوم أمام سلطة بلا وليمة. السلطة خس وجرجير. والشعوب تتضور جوعا و تريد (لحمة). السلطة في واد.. والشعوب في واد آخر. وأنا لا أحب السلطة.
عفوا.. أقصد السلطة فقط في البوفيه العربي. يعيش العيش.. وتسقط السلطة. يسقط الطماطم العربي.. يسقط الخيار العربي، يسقط الجرجير المزروع تحت السرير العربي!
تسقط السلطة، ويحيا الخبز.. الحافي!