أقلامهم

ناصر المطيري يتساءل : هل يتصور أصحاب القرار تفكير الناس وسلوكهم حيال السرقات المكشوفة لمقدرات الوطن

ناصر المطيري
ترابك إحنا نبوقه!
عذرا فإن عنوان المقال هو تحريف لمقطع من أغنية وطنية يترنم بها الفنان سليمان الملا بلحن جميل يقول: «ترابك إحنا نبوسه، لو يحصل ماندوسه،، يالله عساك محروسة ياديرتي ياكويت»، تذكرت هذه الأغنية عندما سمعنا وقرأنا عن آخر فضائح مسلسل الفساد في البلاد، نائب ووزير سابق يبيع تراب الكويت، ويحصل على ثروة تقدر بمئتي مليون دينار بطريقة غير مشروعة. 
بلاشك أن ذلك النائب والوزير السابق ليس وحده من استولى وسرق التراب الكويتي بل يشاركه «نخبة» من الفاسدين من ذوي النفوذ والسلطة ممن لم تقنع نفوسهم بخير الكويت ولم تملأ نعمها أفواههم فراحوا يملأونها بالتراب.. ويالها من فضيحة مخزية أن تكون سارقا لتراب وطنك، إنها السفالة ودناءة النفس البغيضة.
ومع تواتر أنباء الفساد المليونية من رشاوى وغسيل أموال وبيع تراب البلد وغيرها ما عظم وخفي، أقول أمام كل هذا هل يتصور أصحاب القرار ومن في ذمتهم الدولة ومصير الوطن كيف سينعكس ذلك على تفكير وسلوك الناس الذين يرون بعض المشرعين ورجال النفوذ وقادة المجتمع ونواب الأمة وسياسييها يتطاولون على مقدرات الكويت وخيراتها ويهبشون منها بالمليارات دون أن تمسهم يد العقوبة والقصاص بل هم بمنأى عن المحاسبة وربما سخرت لهم السلطة كل طاقتها لحمايتهم ودفن اختلاساتهم بتراب الفساد. هل يلام عموم الناس عندما يعبرون عن مشاعر الغبن والظلم باستخدام وسيلتي الاضرابات والاعتصامات؟ 
المواطن البسيط والموظف الكادح الذي يخوض ازدحامات الشوارع كل يوم غدوا ورواحا ليوقع حضوره وانصرافه، وهو الذي يدفع ربع راتبه لإيجار المسكن منتظرا دوره في الرعاية السكنية هذا المواطن الذي يبوس تراب الكويت ولا يبوقه هل نلومه وهو يرى كل هذا «الهبش» العبثي بخير وطنه هل نلومه إن هو سخط على الوضع برمته بعد أن تسلل الإحباط إلى نفسه وتكسرت كل قيم العدالة والمساواة في قلبه وشعر بخيبة الأمل في الكثير من النخب السياسية والبرلمانية التي باعته بالأمس المبادئ والشعارات الرنانة ليجدهم يسرقون تراب وطنه وبيعونه بثمن بخس.
هنا أصل المشكلة الفساد وفساد النخبة لا غيره، والحكومة التي تتذمر «وتحمر العين» على المضربين والمعتصمين من طالبي الحقوق المشروعة عليها قبل هذا كله أن تتطهر من رجس الفاسدين المستندين على ظهر الحكومة.
لو حمرت الحكومة عينها على هؤلاء الفاسدين الكبار لهدأت النفوس وشفي غليلها وعاش الجميع في رضا وقناعة على تراب الكويت يحبونه ويعشقونه قبل أن يفوت الأوان لنسمع في المستقبل من يبيه «هواء الكويت» بعد أن باع أسلافه ترابها!!