آراؤهم

رغم القمع وشلالات الدماء نبارك لحماس انتزاع حرية الأسرى

رغم الجراحات والعذابات وشلالات الدماء والقمع الوحشي لشبيحة الأسد ورجال أمنه وفرق جيشه البربرية بحق الشعب السوري بكل مدنه وبلداته وقراه وريفه وحضره، لا يسعني إلا أن أرسم على شفتاي ابتسامة فرحة كليمة أزفها للإخوة في فلسطين، وقد حققوا نصراً كبيراً على الصهاينة في إجبارهم على القبول والنزول على شروطهم في إبرام صفقة تبادل الأسرى الكبيرة، التي طالت كل الحرائر الفلسطينيات الأسيرات، والمئات من شباب الفصائل الفلسطينية، الذين قبع بعضهم خلف القضبان لأكثر من ثلاثين سنة، أو ممن حكموا بعدد من المؤبدات فاقت بعضها المئة من السنين، وفي مقدمتهم المناضل أحمد سعادات والمناضل مروان البرغوثي. 
نبارك لهؤلاء الأبطال الذين سَيُحررون بعد كل هذه السنين من المعاناة ليعودا إلى أمهاتهم وآبائهم وزوجاتهم وأولادهم الذين لم يكونوا أقل معاناة منهم، وقد حرموا قسراً منهم على مدار سنين طويلة، لا يعلم إلا الله حجم ما كانوا يعانون على فراقهم، ويظل قلمي عاجزاً بكل ألوان مداده من التعبير عن الفرحة التي ستغمر قلوب الأسرى وأهليهم عند اللقاء القريب المنتظر!!
وفي هذا السياق لابد لنا من تذكّر إخوان وأشقاء للفلسطينيين في سورية الجريحة هم أسرى بيد النظام السادي الفاشي الذي يعيث فساداً في سورية منذ أكثر من أربعة عقود، ويحول بين فرحة السوريين بانتصار إخوانهم في فلسطين على العدو الصهيوني، وقد تعرضوا ويتعرضون للقتل والتشريد والنفي والأسر والسجن والاعتقال كحال الفلسطينيين، وإذا ما كان سلوانا أن أسر الفلسطينيين هو على يد الصهاينة الأعداء، فلا سلوى للأسرى السوريين لأنهم أسرى بيد من كانوا من المفترض أخوة وشركاء في الوطن وحماة للديار!!
قد ألتمس لعدو صهيوني غاشم حاقد أن يحتفظ بآلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونه ومعتقلاته لسنوات طويلة زادت على الثلاثين سنة، ولكنني أعجز عن التماس أي عذر لحكام سورية الفاشيين الذين يغيبون في سجونهم نخبة من أبناء الوطن منذ العام 1979 وهم بعشرات الألوف دون أن يعرف ذويهم إن كانوا في عالم الأحياء أو الأموات!! 
قد التمس لعدو صهيوني غاشم حاقد إنزال أحكام مؤبدة جائرة بحق الفلسطينيين، ولكني أعجز عن التماس أي عذر لحكام سورية الفاشيين، وهم يصدرون قوانين مسبقة تحكم على نخبة من شرفاء الوطن ورجالاته بالإعدام بأثر رجعي فقط ؛ لأنهم يخالفونهم الرأي، وينفون مئات الألوف إلى خارج حدود الوطن، ويهجرون عشرات الآلاف من معارضيهم، ويقمعون بوحشية، ما سبقهم إليها أحد المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بالحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة!!
يؤسفني أن أقول للإخوة الفلسطينيين إن عدوهم الصهيوني هو أرحم بعشرات المرات من العصابة الحاكمة في دمشق التي تذيق السوريين ما لم يفعل الصهاينة بهم، ولعل الإخوة الفلسطينيين قد شاهدوا على القنوات العالمية صور ما فعلته هذه العصابة المتوحشة بحمزة الخطيب وزينب الحصني وإبراهيم القاشوش والمئات من المشوهين والمقطعي الأوصال، الذين اقتيدوا دون ذنب ارتكبوه إلى معتقلات وأقبية وسجون العصابة التي تحكم دمشق، وَسُلموا بعد أيام أو أسابيع من اختطافهم إلى أهليهم في أكياس قمامة سوداء، عجز الآباء والأمهات على التعرف على فلذات أكبادهم، وقد اختلط اللحم بالعظم وشقت البطون وقلعت العيون وانتزعت الأطراف وأحرقت الوجوه وسلخت الجلود!!
  
مجدداً أزف للإخوة الفلسطينيين التبريكات على هذا الإنجاز العظيم الذي حققوه بصبرهم وثباتهم، متمنياً عليهم ألا ينسوا إخواناً لهم في سورية يعانون ما عانوا ويزيد، أن يشاركوهم بالحد الأدنى.. الدعاء لهم بالثبات والصبر والنصر على طاغيتهم؛ لأن في نصرهم تسريعاً لحل قضية فلسطين التي تاجر فيها النظام السوري لنحو نصف قرن، لم يحصد خلالها الفلسطينيون إلا مزيداً من التشرذم والانقسامات والصراعات والبعد عن حل قضيتهم، التي جعل منها حكام دمشق وأشباههم مادة تخدم أغراضهم وأجندتهم وتكرّس حكمهم البغيض، على أنها أنظمة ممانعة تبين أنها زائفة مخادعة.. وأنظمة صمود تبين أنها جبانة كاذبة.