سبر القوافي

متى آخر مرة سمعت كلمة شُكرًا؟

الكلمة الطيبة دليل واضح على روح قائلها أي أيها الأخوة والأخوات لا تحتاج إلى تفسير وشرح يُصيب القارئ بالملل , ورد تشبيه الكلمة الطيبة في القرآن الكريم كالشجرة الطيبة تجدونها في سورة إبراهيم, الكلمات الصادقة لا نعلمها؛ لأننا بشر نجهل ما تخبئه قلوبنا من مساحات البياض والسواد، وهذا من اختصاص الله  ونقطة تمييز بمعرفته عن جميع خلقه وعباده, الكلمة الجميلة تترك أثرًا جميلاً في نفس المتلقي وهكذا تفعل الكلمة القبيحة, رائع من يُحسن انتقاء الكلمات؛ ليؤثر بها على الآخرين، ونجح في هذا بعضًا من الدعاة من ضمنهم الدكتور عائض القرني والدكتور سلمان العودة في كتبهم وخطبهم ومحاضراتهم وبرامجهم التلفزيونية, أسمعهم بحب؛ لأنهم يؤثرون في نفسي دون أدنى مجاملة, أرى أن ليس من السهولة موضوع انتقاء الكلمات ولا أحد منا يستطيع فعل ذلك بسهولة, بعضنا يعطينا لكماته ويصنع من الحديث ذات بين سجنًا، فيصبح ذات سجون لا شجون، وعلى هذا أضيف يحوّل الكلمة إلى لكمة قد تكون الكلمة القاضية بينه وبين من يحاوره أو يناقشه, بين هذا وهذا لا أعلم بما وراء تلك الستائر من أشياء بإمكاننا أن نحكم عليها – دون رؤيتها – بالجمالية فقط عبر علامات مشيرة إلى جمال أو قبح، وهذه يستوعبها قلة من الناس.
 تفعل بنا الكلمات ما تشاء؛ كون لنا قلوب ومشاعر وأحاسيس وفي النهاية نحن بشر، فمن هذه الأبواب تدخل إلينا وعلينا الكلمات التي تملك قوة خارقة إن كنتم لا تعلمون, أنا فيصل كأي إنسان عاقل تراه هنا أو هناك أحُبّ الاستماع إلى كائنات حية؛ لأن حديثهم أو كلامهم يعطي الصدر اتساعًا ويملئ أرجاء الداخل فرحًا وسرورًا, يقدمون إلينا ما نشتهي سماعه، وليس شرطًا جازمًا أن الصوت الجميل يجبرنا على الاستماع إليه، ربما يكون صاحبه فمه ملئ بالخبث والقبح، بعد هذه المقدمة أريد أن أفتح الحديث عن كلمة أراها بدأت تختفي في الظهور قليلاً ولا تأتي إلا على ألسنة القليل في تقديري، وهي كلمة شكرًا, أنا من الذين أصبحوا يستخدمونها بكثرة ويقولونها مباشرة؛ أي أصبحت عادة أعطيها للكل ودون مناسبة تستحقها, تعوّدت على ذلك ولا أريد تغييره.
 الشكر كلمة قليلة الأحرف، ولكن كثيرة المعنى وترد جميلاً أو معروفاً آخر؛ أي لا تدخل أبواب النكران والجحود, من الآن فصاعدًا أرجوكم دعوا الشكر يدوم بيننا لا يموت أو يمرض بقلّته, عوّدوا ألسنتكم كما عوّد بشرٌ قبلكم, لا تشكل كلمات الشكر والثناء عائقًا أو صعوبة في النطق، ومن السهل خروجها من الفم إلى الأذن, بلا شك أنها تترك علامة إيجابية في داخل من يستقبلها، وفوق هذا تعطي انبطاعاً حسناً، وتشعره بقيمة ما قدمه تجاهك, احتفظ بـ ” شكرًا ” ولا تسمح لها بمغادرتك، هذا إذا كنت تريد أن تصبح أكثر جمالاً وجاذبية في عيون الآخرين, بالشكر تدوم النعم وبالشكر نبني جسور الود ذات بين وبالشكر نرتدي قبعة التواضع وبساطة الحياة, من أبسط حقوقك أيها الإنسان المقيم على هذه الأرض برخصة الدنيا الفانية أن تشكر جهد وعطاء يومك بالنوم وأن تشكر نفسك عند كل قمة تصلها أو نجاح تحققه وأن تشكر مع نفسك كل الذين قدموا إليك جميلاً خالدًا، فالداخل في الإنسان أهم بكثير من خارجه وعسى أن يتوافقا حتى لا يحدث نفاقًا, صدقوني يا جماعة الخير كل ما سبق يعتقده الكثير ضربًا في الجنون وهذا خطأ ذات حجم ضخم جدًا! أشكر كل من قدم إليّ جميلاً ومعروفًا وكل من يمتلك بصمة في حياتي وكل من ترك أثرًا طيبًا لا ينسى أبدًا وكل من يريد الخير ويدعوا لي, إن المساحة لا تكفي لكي أقوم بطرح الأسماء وأخشى أن تخونني الذاكرة فأنسى البعض, أشكر الجميع والكل يعرف نفسه جيدًا, أشكركم على قراءة ما كتبته؛ لأنني أخشى أن لا يشكرني الله, لعل ما يستحق الشكر فعلاً نعمة الإسلام والعافية والأمن والآمان, لدي سؤال، أريد منكم أن تمهلوا أنفسكم شيئًا من الوقت لكي تفكرون قليلاً قبل الإجابة وهو: متى آخر مرة سمعت كلمة شُكرًا؟
 فيصل خلف – كاتب سعودي
@faisalbinkhalaf